للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نفسه وأخبر به عنها أتمُّ من هذا وأجلُّ شأنًا، وهو لفظ "المحبة". فإنَّه سبحانه يوصف من كلِّ صفةِ كمالٍ بأكملها وأجلّها وأعلاها، فيوصف من الإرادة بأكملها، وهو الحكمة وحصول كلّ ما يريد بإرادته كما قال تعالى: {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (١٦)} [البروج/ ١٦] وبإرادة اليسر لا العسر، كما قال: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة/ ١٨٥]، وبإرادة الإحسان وإتمام النعمة على عباده، كقوله: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا (٢٧)} [النساء/ ٢٧]. فإرادة التوبة له (١)، وإرادة الميل لمتَّبعي (٢) الشهوات. وقوله: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة/ ٦].

وكذلك الكلام، يصف نفسه منه بأعلى أنواعه، كالصدق والعدل والحقّ. وكذلك الفعل، يصف نفسه منه بأكمله وهو العدل والحكمة والمصلحة والنعمة.

وهكذا المحبة، وصف نفسه منها بأعلاها وأشرفها، فقال تعالى: {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة/ ٥٤]، {يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (٢٢٢)} [البقرة/ ٢٢٢] و {يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٩٥)} [البقرة/ ١٩٥] و {يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} (٣) [آل عمران/ ١٤٦]. ولم يصِفْ نفسه بغيرها من العلاقة والميل والصبابة والعشق والغرام ونحوها، فإنَّ مسمَّى المحبَّة أشرف وأكمل من هذه المسمّيات، فجاءَ في حقّه إطلاقُه دونها، وهذه المسمّيات لا تنفكّ عن


(١) "ط": "اللَّه".
(٢) "ب، ك، ط": "لمبتغي"، تصحيف.
(٣) في "ف" تقدّمت هذه الآية على الآية السابقة.