للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لوازم ومعانٍ تنزّه تعالى عن الاتّصاف بها.

وهكذا جميع ما أطلقه على نفسه من صفاته العلى أكمل معنًى ولفظًا ممَّا لم يطلقه. فالعليم الخبير أكمل من الفقيه والعارف، والكريم الجواد أكمل من السخيّ. والخالق البارئ المصوّر أكمل من الصانع الفاعل، ولهذا لم تجئ هذه في أسمائه الحسنى. والرحيم والرؤوف أكمل من الشفيق والمشفق (١). فعليك بمراعاة ما أطلقه سبحانه على نفسه من الأسماء والصفات والوقوف معها، وعدم إطلاق ما لم يطلقه على نفسه ما لم يكن مطابقًا لمعنى أسمائه وصفاته؛ وحينئذ فيطلق المعنى لمطابقته لها (٢) دون اللفظ، ولا سيَّما إذا كان مجملًا أو منقسمًا إلى ما يمدح به وغيره، فإنَّه لا يجوز إطلاقه إلا مقيّدًا.

وهذا كلفظ الفاعل والصانع فإنَّه لا يطلق عليه في أسمائه الحسنى إلا إطلاقًا مقيّدًا، كما (٣) أطلقه على نفسه، كقوله تعالى: {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (١٦)} [البروج/ ١٦]، {وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ (٢٧)} [إبراهيم/ ٢٧]، وقوله: {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ} [النمل/ ٨٨]، فإنَّ اسم الفاعل والصانع منقسم المعنى إلى ما يمدح عليه ويذَمّ (٤).

ولهذا المعنى -واللَّه أعلم- لم يجئ في الأسماء الحسنى "المريد"، كما جاء فيها "السميع البصير"، ولا "المتكلم"، ولا "الآمر الناهي"، لانقسام مسمَّى هذه الأسماء؛ بل وصَفَ نفسَه بكمالاتها وأشرف


(١) "والمشفق" ساقط من "ك، ط".
(٢) "ك، ط": "له".
(٣) "كما" ساقط من "ط".
(٤) وانظر: شفاء العليل (٢١٨).