للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما يرجع الطرف عنه عند رؤيته ... حتَّى يعود إليه الطرفُ مشتاقا (١)

وإنَّما الشأن في دوام الشوق حال الوصول واللقاء. فاعلم أنَّ الشوق نوعان: شوق إلى اللقاء، فهذا يزول باللقاء. وشوق في حال اللقاء، وهو تعلّق الروح بالفحبوب تعلُّقًا لا ينقطع أبدًا، فلا تزال الروح مشتاقةً إلى مزيد هذا التعلّق وقوَّتة اشتياقًا لا يهدأ. وقد أفصح بعض المحبِّين للمخلوق عن هذا المعنى بقوله:

أعانقُها والنفسُ بعدُ مَشوقةٌ ... إليها وهل بعد العناق تداني

وألثمُ فاها كي تزول صَبابتي ... فيشتدُّ ما ألقَى من الهيَمانِ (٢)

فالشوق في حال الوصل والقرب إلى مزيد النعيم واللذة لا ينقطع، والشوق في حال السير إلى اللقاءِ ينقطع. ونستغفر اللَّه من الكلام فيما لسنا بأهل [له] (٣).

فالخوف أولى بالمسيءِ ... إذا تألَّهَ والحزَنْ

والحبُّ يجمُل بالتقيّ ... وبالنقيّ من الدَّرَنْ

لكن إذا ما لم يُحِبّـ ... ـكم المسيء إذن فَمَنْ


(١) كذا ورد البيت في القشيرية (٣٢٩)، وقد ذكره المصنف في مدارج السالكين (٣/ ١٧)، وروضة المحبين (٥٨٢)، وهو لإبراهيم بن العباس الصولي في ديوانه (١٤٧). والرواية: "عنها حين يبصرها. . . إليها". ونسبه في ديوان المعاني (٤٤٩) إلى أبي نواس. وانظر: ديوانه (٢٥٧).
(٢) لابن الرومي فى ديوانه (٢٤٧٥)، وانظر: روضة المحبين (١١٥، ١٧٨).
(٣) "له" لم يرد في الأصل و"ف". وهي زيادة عما عداهما.