للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الطبقة السادسة: المجاهدون في سبيل اللَّه، وهم جند اللَّه الذين يقيم بهم دينه (١)، ويدفع بهم بأس أعدائه، ويحفظ بهم بيضة الإسلام، ويحمي بهم حوزة الدين. وهم الذين يقاتلون أعداءَ اللَّه ليكون الدين كله للَّه، وتكون كلمة اللَّه هي العليا، قد بذلوا أنفسهم في محبَّةِ اللَّه ونصرِ دينه وإعلاء كلمته ودفع أعدائه. وهم شركاءُ لكل من يحمونه بسيوفهم، في أعمالهم التي يعلَمونها، وإن تناءتْ ديارهم (٢)، ولهم مثل أجور مَن عَبَد اللَّه (٣) بسبب جهادهم وفتوحهم، فإنَّهم كانوا هم السبب فيه. والشارع قد نزَّل المتسبّبَ منزلةَ الفاعل التامّ في الأجر والوزر، ولهذا كان الداعي إلى الهدى والداعي إلى الضلال لكلّ منهما بتسبّبه مثلُ أجر من اتَّبعه (٤).

وقد تظافرت (٥) آيات الكتاب وتواترت نصوص السنَّة على الترغيب في الجهاد، والحضِّ عليه، ومدحِ أهله، والإخبار عمَّا لهم عند ربِّهم من أنواع الكرامات والعطايا الجزيلات. ويكفي في ذلك قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَي تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (١٠)} [الصف/ ١٠] فتشوفت (٦) النفوس إلى هذه التجارة الرابحة التي الدالُّ عليها ربُّ العالمين العليم الحكيم، فقال: {تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ}. فكأنَّ النفوس ضنَّت بحياتها وبقائها، فقال: {ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ


(١) "ف": "يقيم بهم اللَّه دينه"، خلاف الأصل.
(٢) "ط": "باتوا في ديارهم"، تحريف.
(٣) "ب": "أجورهم من عند اللَّه"، تحريف.
(٤) "ك، ط": "تبعه".
(٥) "ك، ط": "تظاهرت".
(٦) ضبطت في الأصل بالفاء، وكذا في "ب". وفي "ف، ك، ط": "فتشوّقت" بالقاف.