للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَعْلَمُونَ (١١)} يعني أنَّ الجهاد خير لكم من قعودكم طلبًا (١) للحياة والسلامة. فكأنَّها (٢) قالت: فما لنا في هذا (٣) الجهاد من الحظّ؟ فقال: {يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} مع المغفرة {وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}. فكأنّها (٤) قالت: هذا في الآخرة فماذا لنا (٥) في الدنيا؟ فقال: {وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ}.

فلله ما أحلى هذه الألفاظ وما ألصقها بالقلوب وما أعظمها جذبًا لها وتسييرًا إلى ربِّها، وما ألطف موقعها من قلب كلّ محبّ! وما أعظم غنى القلب وأطيب عيشَه (٦) حين تباشره معانيها! فنسأل اللَّه من فضله إنَّه جوادٌ كريم.

ومن هذا قوله تعالى: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٩) الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ (٢٠) يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ (٢١) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (٢٢)} [التوبة/ ١٩ - ٢٢]. فأخبر سبحانه أنَّه لا يستوي عنده عُمَّار المسجد الحرام -وهم عُمَّاره بالاعتكاف والطواف والصلاة، هذه هي عمارة مساجده المذكورة في القرآن- وأهلُ سقاية الحاج، لا يستوون


(١) "طلبًا" ساقط من "ط".
(٢) "ف": "وكأنها"، قراءة محتملة.
(٣) "هذا" ساقط من "ط".
(٤) "ف": "وكأنها"، قراءة محتملة.
(٥) "ب، ك، ط": "فما لنا".
(٦) "ف": "عيشته"، خلاف الأصل.