للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَطَنُه, فإنَّ المضاعِف سبحانه واسع العطاء، واسع الغني، واسع الفضل. ومع ذلك فلا يظنَّ أنَّ سعة عطائه تقتضي حصولها لكلِّ منفِق، فإنَّه عليم بمن تصلح له هذه المضاعفة وهو أهل لها، ومن لا يستحقّها ولا هو أهل لها؛ فإنَّ كرمه -سبحانه- وفضله لا يناقض حكمتَه، بل يضع فضله مواضعه بسعته (١) ورحمته، ويمنعه من ليس من أهله بحكمته وعلمه.

ثمَّ قال تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٢٦٢)} [البقرة/ ٢٦٢].

هذا بيان للقرض الحسن ما هو؟ وهو أن يكون في سبيله، أي: في مرضاته والطريق الموصلة إليه، ومن أهمّها (٢) سبيل الجهاد. فـ "سبيل اللَّه" (٣) خاصّ وعامّ، والخاصّ جزءٌ من السبيل (٤) العامّ. وأن لا يتبع صدقتَه بمن ولا أذى، فالمنّ نوعان:

أحدهما: مَنٌّ بقلبه من غير أن يصرّح به بلسانه. وهذا وإن لم يُبطل الصدقة فهو يمنعه شهودَ (٥) منَّة اللَّه عليه في إعطائه المال وحرمان غيره، وتوفيقه للبذل ومنع غيره منه؛ فللّه المنَّة عليه من كلِّ وجه، فكيف يشهد قلبُه منَّةً لغيره؟


(١) "ك، ط": "لسعته".
(٢) "ط": "أنفعها"، تحريف.
(٣) "ط": "وسبيل اللَّه".
(٤) "السبيل" سقط من "ف" سهوًا.
(٥) "ك": "فهو من نقصان شهود". وكذا في "ط". وفيها: "وهذا إن لم يبطل. . . "!