للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والنوع الثاني: أن يمنّ عليه بلسانه، فيعتدَّ (١) على من أحسن إليه بإحسانه، ويُريَه أنَّه اصطنعه وأنَّه أوجب عليه حقًّا، وطوَّقه (٢) منَّةً في عنقه، ويقول (٣): أما أعطيتُك كذا وكذا؟ ويعدّ (٤) أياديه عنده. قال سفيان: يقول: أعطيتك وأعطيتك (٥)، فما شكرتَ! وقال عبد الرحمن بن زيد (٦): كان أبي يقول: إذا أعطيتَ رجلًا شيئًا، ورأيتَ أنَّ سلامك يثقل عليه، فكُفَّ سلامَك عنه. وكانوا يقولون: إذا صنعتم (٧) صنيعةً فانْسَوها، وإذا أُسدِي (٨) إليكم صنيعةٌ فلا تنسَوها. وفي ذلك قيل:

وإنَّ امرأ أسدَى إليَّ صنيعةً ... وذَكَرنيها مرَّةً لَبخيلُ (٩)

وقيل: "صنوانِ: مَن منَحَ سائلَه ومَنّ، ومن منع نائلَه وضَنَّ" (١٠).

وحظر اللَّه سبحانه على عباده المنّ بالصنيعة واختصَّ به صفة لنفسه؛


(١) "ك": "فيعيد". "ط": "فيعتدي". تحريف. وقارن بكلام صاحب الكشاف (١/ ٣١١).
(٢) "ف": "فطوّقه". والراجح ما أثبتنا من غيرها.
(٣) "ط": "فيقول".
(٤) "ك": "يعيد"، "ط": "يعدّد".
(٥) "وأعطيتك" ساقطة من "ك"، ولعل ناسخها ظنّها مكررة. وكذا في "ط". وفي "ب" وردت ثلاث مرات، وفي الثالثة كتب ناسخها علامة "صح". وانظر قول سفيان في تفسير البغوي (١/ ٣٢٦).
(٦) "ك، ط": "زياد"، تحريف. وهو عبد الرحمن بن زيد بن أسلم. وانظر قول أبيه هذا في: تفسير الطبري (٥/ ٥١٨)، والمحرر الوجيز (١/ ٣٥٦).
(٧) "ط": "اصطنعتم". وانظر جزءًا من هذا القول في: الكشاف (١/ ٣١٠).
(٨) "ط": "أسديت".
(٩) "ب، ك، ط": "أهدى إليّ". وقد أنشده الزمخشري دون عزو في: الكشاف (١/ ٣١٠)، وربيع الأبرار (٤/ ٣٥٩)، والقافية فيهما: "للئيم".
(١٠) الكشاف (١/ ٣١١).