للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكتمانهم حاجتَهم (١).

الخامسة: أنَّهم يُعرفون بسيماهم، وهي العلامة الدالّة على حالتهم التي وصفهم اللَّه بها. وهذا لا ينافي حسبان الجاهل أنَّهم أغنياء، لأنَّ الجاهل له ظاهر الأمر، والعارف هو المتوسّم المتفرِّس الذي يعرف الناسَ بسيماهم. ولهذا وصف الجاهلَ بكونه (٢) يظنهم أغنياء، وقال: {تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ}، ولم يقل: "يعرفون بسيماهم" (٣). فالمتوسّمون خواصّ المؤمنين، كما قال تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ (٧٥)} [الحجر/ ٧٥].

السادسة: تركُهم مسألة الناس، فلا يسألونهم شيئًا (٤). والإلحاف هو الإلحاح. والنفي متسقط عليهما معًا، أي: لا يسألون، ولا يُلحِفون، فليس يقع منهم سؤال يكون بسببه إلحاف. وهذا كقوله:

على لا حبٍ لا يُهتدى بمناره (٥)

أي: ليس فيه منار فيهتدى به. وفيه كالتنبيه على أنّ المذموم من


(١) "وعدم تعرضهم" مكتوبة في الأصل فوق "وكتمانهم حاجتهم"، فأخرها ناسخ "ف".
(٢) في الأصل: "بكونهم"، سهو. والمثبت من "ف".
(٣) "ولهذا وصف. . . " إلى هنا ساقط من "ب، ك، ط".
(٤) "شيئًا" ساقط من "ك، ط".
(٥) صدر بيت لامرئ القيس، وعجزه:
إذا سافَه العَودُ النَّباطيُّ جَرجَرا
ديوانه (٦٦). وفي الأصل: "لمناره"، وكذا في "ف" وغيرها. وهو سهو بلا ريب.