للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السؤال هو سؤال الإلحاف، فأمّا السؤال بقدر الضرورة من غير إلحاف، فالأفضل تركُه، ولا يحرم.

فهذه ستّ صفات للمستحقّين للصدقة، فألغاها أكثرُ الناس، ولحظوا منها ظاهر الفقر وزيّه من غير حقيقته. وأمّا سائر الصفات المذكورة، فعزيز أهلها، ومن يعرفهم أعزّ. واللَّه يختص بتوفيقه من يشاء.

فهؤلاءِ هم المحسنون في أموالهم.

القسم الثاني: الظالمون. وهم ضدّ هؤلاءِ، وهم الذين يذبحون المحتاج المضطرّ. فإذا دعته الحاجة إليهم لم ينفّسوا كربته إلّا بزيادة على ما يبذلونه له، وهم أهل الربا. فذكرهم تعالى بعد هذا (١) فقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٧٨)} [البقرة/ ٢٧٨]. فصدَّر الآية بالأمر بتقواه المضادّة للربا، وأمر بترك ما بقي من الربا بعد نزول الآية، وعفا لهم عما قبضوه به قبل التحريم، ولولا ذلك لردّوا ما قبضوه به قبل التحريم. وعلّق هذا الامتثال على وجود الإيمان منهم، والمعلّق على الشرط (٢) منتفٍ عند انتفائه.

ثم أكّد عليهم التحريم بأغلظ شيء وأشدّه، وهي محاربة المرابي للَّه ورسوله، فقال: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة/ ٢٧٩]. ففي ضمن هذا الوعيد أنّ المرابي محارب للَّه ورسوله، قد آذنه اللَّه بحربه. ولم يجئ هذا الوعيد في كبيرة سوى الربا، وقطع الطريق، والسعي في الأرض بالفساد؛ لأنّ كلّ واحد منهما مفسد في الأرض،


(١) "بعد هذا" سقط من "ف" سهوًا.
(٢) "ك، ط": "شرط".