للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله تعالى: {وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ} صريح في أنَّهم من بني آدم، ليسوا من الملائكة.

وقوله: {يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ} يعني: يعرفون الفريقين بسيماهم. {وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ} أي: نادى أهلُ الأعراف أهلَ الجنَّة بالسلام.

وقوله: {لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ (٤٦)} الضميران في الجملتين لأصحاب الأعراف. لم يدخلوا الجنَّة بعد، وهم يطمعون في دخولها. قال أبو العالية: ما جعل اللَّه ذلك الطمع فيهم إلا كرامةً يريدها بهم (١). وقال الحسن: الذي جعل (٢) الطمع في قلوبهم يوصلهم إلى ما يطمعون (٣). وفي هذا ردّ على قول من قال: إنَّهم أفاضل المؤمنين عَلَوا على الأعراف يطالعون أحوالَ الفريقين. فعاد الصواب إلى تفسير الصحابة، وهم أعلم الأمة بكتاب اللَّه ومراده منه.

ثمَّ قال تعالى: {وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٤٧)} هذا دليل على أنَّهم (٤) بمكان مرتفع بين الجنَّة والنار، فإذا أشرفوا على أهل الجنَّة نادوهم بالسلام وطمعوا في الدخول إليها. وإذا أشرفوا على أهل النار سألوا اللَّه أن لا يجعلهم معهم.


(١) انظر: تفسير البغوي (٣/ ٢٣٣). وهذا اللفظ أخرجه عبد الرزاق في تفسيره (٩٠٧)، وابن أبي حاتم (٨٥١٧)، والطبري (٨/ ١٩٦) عن الحسن، وسنده صحيح. (ز).
(٢) "ط": "جمع".
(٣) تفسير البغوي (٣/ ٢٣٣).
(٤) "ك، ط": "أنه"، تحريف.