للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قالوا: ويدلّ عليه قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (٢١)} (١) [الطور/ ٢١]. فهذا يدلّ على أنَّ إتباع الذرية لآبائهم ونجاتَهم إنَّما كان إكرامًا لآبائهم وزيادةً في ثوابهم، وأنَّ الإتباع إنَّما استُحِق (٢) بإيمان الآباء. وإذا (٣) انتفى إيمان الآباء انتفى إتباعُ النجاة، وبقي إتباعُ العذاب. ويفسّره قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هم منهم".

وأجيب عن حجج هؤلاء: أمَّا حديث عائشة الذي فيه أنَّهم في النار، فقد تقدّم ضعفه. وأمَّا حديثها الآخر: "هم من آبائهم" فمثل حديث الصعب والأسود بن سريع، وليس فيه تعرُّضٌ للعذاب بنفي ولا إثبات. وإنَّما فيه أنهم تَبَعٌ لآبائهم في الحكم، وأنَّهم إذا أصيبوا في الجهاد والبَيات لم يُضمَنوا بدية ولا كفَّارة. وهذا مصرَّح به في حديث الصعب والأسود أنَّه في الجهاد.

وأمَّا حديث عائشة الآخر فضعَّفه غيرُ واحد. قالوا: وعبد اللَّه بن أبي قيس مولى غُطَيف راويه عنها ليس بالمعروف فيُقْبلَ حديثُه. وعلى تقدير ثبوته، فليس فيه تصريح بأنَّ السؤال وقع عن الثواب والعقاب. والنبى -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "هم من آبائهم". ولم يقل: "هم معهم"، وفرقٌ بين الحرفين. وكونهم منهم لا يقتضي أن يكونوا معهم في أحكام الآخرة، بخلاف


(١) وردت الآية في الأصل و"ف، ب" على قراءة أبي عمرو: "وأتبعناهم ذريّاتهم بإيمان ألحقنا بهم ذرياتهم". وفي "ك": "واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذرياتهم" على قراءة نافع. انظر: الإقناع (٧٧٣).
(٢) "ط": "يستحق".
(٣) "ك، ط": "فإذا".