للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثامن: أنَّ هذا استبعاد مجرَّد لا تُرَدّ بمثله الأحاديث. والنَّاس لهم طريقان: فمن سلك طريق المشيئة المجرَّدة (١) لم يمكنه أن يستبعد هذا التكليف، ومن سلك طريق الحكمة والتعليل لم يكن معه حجَّة تنفي أن يكون هذا التكليف موافقًا للحكمة (٢)؛ بل الأدلَّة الصحيحة تدلّ على أنَّه مقتضى الحكمة كما ذكرناه.

التاسع: أنَّ في أصحّ هذه الأحاديث -وهو حديث الأسود- أنَّهم يعطُون ربّهم المواثيقَ ليُطيعُنَّه فيما يأمرهم به، فيأمرهم أن يدخلوا نار الامتحان، فيتركون (٣) الدخول معصيةً لأمره، لا لعجزهم عنه. فكيف يقال إنَّه ليس في الوسع؟ (٤).

فإن قيل: فالآخرة دار جزاءٍ، وليست دار تكليف، فكيف يمتحنون في غير دار التكليف؟

فالجواب: أنَّ التكليف إنَّما ينقطع بعد دخول دار القرار، وأمَّا في البرزخ وعرصات القيامة فلا ينقطع. وهذا معلوم بالضرورة من الدين من وقوع التكليف بمسألة الملكين في البرزخ، وهي تكليف. وأمَّا في عرصة


(١) بين كلمة "المجرّدة" و"لم يمكنه" بياض في "ف" بقدر ستّ كلمات، ولعل ناسخها ظنّ أن هذه الكلمات ذهب بها تأكّل الورقة من أسفلها، فترك بياضًا في نسخته. و"لم يمكنه. . . " إلى آخره مكتوب في طرف الحاشية اليسرى من الأصل، والظاهر أن الكلام متصل ولم يسقط منه شيء. ولا يوجد بياض في "ب، ك".
(٢) "ك، ط": "للحكم".
(٣) في الأصل: "فيتركوا"، وكذا في "ف، ك"، وهو سهو، والمثبت من "ب، ط".
(٤) هنا انتهى الاستدراك الطويل الذي بدأ في ص (٨٥٩) من قوله: "وقد رويت له أحاديث"، مع إضافات أخرى.