للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكفار ليُعِزّوهم أيضًا. ومن ههنا دخل عليهم البلاءُ، فإنَّهم أرادوا العزّ بين (١) الطائفتين، ولم يكن لهمِ غرض في إيمان ولا إسلام (٢) ولا طاعةٍ للَّه ورسوله، بل كان ميلهم وصغوهم ووجهتهم (٣) إلى الكفَّار. فقوبلوا على ذلك بأعظم الذلّ، وهو أن جُعِلَ مستقرّهم في أسفل سافلين (٤) تحت الكفار. فما اتصف به المنافقون من مخادعةِ اللَّه ورسوله والذين آمنوا، والاستهزاء باهل الإيمان، والكذب، والتلاعب بالدين، وإظهار أنَّهم من المؤمنين، وانطواءِ (٥) قلوبهم علَى الكفر والشرك وعداوة اللَّه ورسوله = أمرٌ اختصّوا به عن الكفار، فتغلَّظ (٦) كفرُهم به، فاستحقّوا الدرك الأسفل من النار.

ولهذا لمَّا ذكر تعالى أقسام الخلق في أوَّل (٧) سورة البقرة، فقسمهم إلى مؤمنٍ ظاهرًا وباطنًا، وكافرٍ ظاهرًا وباطنًا، ومؤمن في الظاهر كافرٍ في الباطن وهم المنافقون = ذكر في حقِّ المؤمنين ثلاث آيات، وفي حقِّ الكفار آيتين. فلما انتهى إلى ذكر المنافقين ذكر فيهم بضع عشرة آية. ذمَّهم فيها غاية الذمّ، وكشَفَ عوراتهم (٨)، وفضحهم، وأخبر بأنَّهم (٩)


(١) "ب": "من بين". "ك، ط": "العزتين من"، وكلاهما تحريف.
(٢) "ف": "إسلام ولا إيمان"، خلاف الأصل. وفي "ك": "الإيمان ولا إسلام. . . ". وفي "ط": "الإيمان والإسلام ولا طاعة اللَّه".
(٣) "ك، ط": "صغوهم وجهتهم".
(٤) "ب، ك، ط": "السافلين".
(٥) "ك، ط": "وأبطنوا"، تحريف!
(٦) "ف": "فيغلظ"، تصحيف.
(٧) "أول" سقط من "ف" سهوآ.
(٨) زاد بعدها في "ط": "وقبّحهم".
(٩) "ط": "أنهم".