للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأمن فيجب ستره، فإذ الحق المسلمين خوفٌ دبّت عقارب قلوبهم، وظهرت المخبّآت، وبدت الأسرار.

ومن صفاتهم: أنّهم أعذبُ الناس ألسنةً، وأمرُّهم قلوبًا، وأعظم الناس مخالفةً (١) بين أعمالهم وأقوالهم. ومن صفاتهم أنّه (٢) لا يجتمع فيهم حُسن سمت (٣) وفقه في دين أبدًا. ومن صفاتهم أنّ أعمالهم تكذب أقوالهم، وباطنهم يكذّب ظاهرهم، وسرائرهم تناقض علانيتهم.

ومن صفاتهم: أنّ المؤمن لا يثق بهم (٤) في شيء، فإتهم قد أعدّوا لكلّ أمر مخرجًا منه، بحقّ أو بباطل، بصدق أو بكذب، ولهذا سُمِّي "منافقًا" أخذًا من نافقاءِ اليربوع. وهو بيت يحفره، ويجعل له أسرابًا مختلفة، وكلَّما (٥) طُلِبَ من سَرَبٍ خرج من سَرَبٍ آخر، فلا يتمكَّن طالبُه مِن حصره في سرب واحد. قال الشاعر:

ويُستخرجَ اليربوعُ من نافقائه ... ومن بيته ذو الشِّيحة اليتقَصَّعُ (٦)

فأنت منه كقبضٍ (٧) على الماءِ، ليس معك منه شيء.


(١) "ط": "خلفًا".
(٢) "ك، ط": "أنهم".
(٣) "ك، ط": "صمت" تحريف.
(٤) "ف": "منهم"، سهو.
(٥) "ك، ط": "فكلما".
(٦) "ط": "ومن جحره بالشيحة". والبيت لذي الخِرَق الطُّهَوي -جاهلي- من أبيات أوردها أَبو زيد في نوادره. والرواية: "ومن جحره". انظر: النوادر (٢٧٦ - ٢٧٨) وخزانة الأدب (١/ ٣٥).
(٧) "ط": "كقابض"، ولعله إصلاح من الناشر!