عبد الرحمن بن زيد بن أسلم روى عن أبيه أحاديث موضوعة لا يخفى على من تأملها من أهل الصنعة أن الحمل فيها عليه. وقال في آخر هذا الكتاب: فهؤلاء الذين ذكرتهم قد ظهر عندي جرحهم، لأن الجرح لا أستحله تقليدًا. انتهى. فكان هذا من عجائب ما وقع له من التساهل والغفلة. ومن هنا يتبين صحة قول ابن الأخرم التي قدمناها. وأن قول المؤلف أنه يصفو له منه صحيح كثير غير جيد؛ بل هو قليل بالنسبة إلى أحاديث الكتابين، لأن المكرر يقرب من ستة آلاف. والذي يسلم من "المستدرك" على شرطهما أو شرط أحدهما مع الاعتبار الذي حررناه دون الألف فهو قليل بالنسبة إلى ما في الكتابين والله أعلم. وقد بالغ ابن عبد البر، فقال ما معناه: أن البخاري ومسلمًا إذا اجتمعا على ترك إخراج أصل من الأصول فإنه لا يكون له طريق صحيحة، وإن وجدت فهي معلولة. وقال في موضع آخر: "وهذا الأصل لم يخرج البخاري ومسلم شيئًا منه وحسبك بذلك ضعفًا". هذا وإن كان لا يقبل منه فهو يعضد قول ابن الأخرم، والله أعلم" -. قلت: قول ابن الأخرم تقدم في فقرة رقم (٢١)، وينظر تعليقنا هناك، وللإمام ابن القيم في "الفروسية" (ص ٢٤٥ - بتحقيقي) كلمة في التحذير من (تصحيح الحاكم) وعدم جواز الاكتفاء بالاعتماد عليه وبيان تساهله، قال: "وأما تصحيح الحاكم؛ فكما قال القائل أهو أبو نواس في "ديوانه" (ص ٢٤٥)]: فأَصْبَحتُ مِنْ لَيلَى الغَداةَ كَقَابِضٍ … عَلى المَاءِ خَانَتْهُ فُروجُ الأصَابِعِ ولا يعبأ الحفاظ أطباء علل الحديث بتصحيح الحاكم شيئًا، ولا يرفعون به رأسًا ألبتة، بل لا يعدل تصحيحه ولا يدل على حسن الحديث، بل يصحح أشياء موضوعة بلا شك عند أهل العلم بالحديث، وإن كان مَن لا علم =