للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

والثاني: أن لا يدلّ دليلٌ على نَسخ أحدِهما، فيفزع إلى التَّرجيح، ويُعمل بالرَّاجح (١).

والترجيح بكثرة الرواة، وأعدليتهم، وغير ذلك على ما ذكر الحازمي في كتاب "الاعتبار" (٢)، وغيره من الأصوليين في أصول الفقه (٣).

٨٢ - النوع الثاني: في ناسخ الحديث ومَنسوخهِ:

هذا فنٌّ مهمٌّ، صعبُ المرام، وكان للإمام الشَّافعيِّ فيه يدٌ طُولى (٤)، وسابقة أولى، وهو عبارة عن رَفْع تعلُّق حُكمٍ شرعيٍّ بدليل شرعي متأخِّرٍ عنه، ومن فَسَّره برفع حُكْم (٥) فمراده: التعلُّق كما ذكرنا،


(١) بل الواجب الجمع والإعمال قبل البحث عن النسخ والإهمال.
(٢) ذكر فيه (ص ٥٩ - ٨٩) خمسين وجهًا من وجوه الجمع، وأشار إلى الزيادة على ذلك، وأوصلها العراقي في "التقييد والإيضاح" (ص ٢٨٦ - ٢٨٩) إلى مئة وعشرة.
(٣) ينظر فيه: "البرهان" (٢/ ١٢٩٧)، "المستصفى" (١/ ١٠٧)، "الإحكام" (٣/ ١٠٤) للآمدي، "البحر المحيط" (٤/ ٦٥).
(٤) أخرج البيهقي في "المناقب" (١/ ٢٦٢) وأبو نعيم في "الحلية" (٩/ ٩٧) - ومن طريقه الحازمي في "الاعتبار" (١٨ - ١٩) واللفظ له - بسند صحيح - أن أحمد قال لابن وَرَاةَ الحافظ - وقد قدِم من مصر -: "كتبتَ كُتبَ الشافعي؟ فقال: لا، قال: فَرّطتَ، ما علمنا المجملَ من المفسَّر، ولا النَّاسخَ من المنسوخ، حتى جالسَنا الشافعي".
(٥) اعترض ابن الملقن في "المقنع" (٢/ ٤٥١) على هذا بقوله: "عليه اعتراضات: أحدها: على تعبيره بالرفع، لأن الحكم الحادث ضدُّ السابق، وليس رفعُ الحادث السابقِ بأولى من رفع السابق للحادث، والصواب التعبير بالانتهاء".!
قال أبو عبيدة: على التعبير بـ (الانتهاء) اعتراض أيضًا، إذ قد ينتهي الحكم الشرعي الذي له كاية بطريق شرعيٍّ متراخٍ عنه، ولا يسمَّى نسخًا، =

<<  <   >  >>