(١) اتَّهم ابنُ الجوزي في "المنتظم" (٨/ ١٠٠) أبا نعيم الأصبهاني بأنه كان يخلط المسموع له بالمجاز، ولا يوضح أحدهما من الآخر، ونقل الذهبي في "السير" (١٧/ ٤٦٠ - ٤٦١) قول الخطيب: "قد رأيت لأبي نعيم أشياء يتساهل فيها منها: أن يقول في الإجازة (أخبرنا)، من غير أَنْ يُبَيِّن". وتعقبه الذهبي بقوله: (هذا شيء قَلَّ أن يفعله أبو نعيم، وكثيرًا ما يقول كتب إلي الخلدي، ويقول: كتب إليَّ أبو العباس الأصم، وأخبرنا أبو الميمون بن راشد في كتابه، ولكني رأيتُهُ يقول في شيخه عبد الله بن جعفر بن فارس، الذي سمع منه كثيرًا، وهو أكبر شيخ له: أخبرنا عبد الله بن جعفر فيما قرئ عليه، فيوهم أنه سمعه ويكون مما هو له بالإجازة، ثم إطلاق الإخبار على ما هو بالإجازة مذهب معروف، قد غلب استعماله على محدِّثي الأندلس، وتوسَّعوا فيه. وإذا أطلق ذلك أبو نعيم في مثل: الأصم، وأبي الميمون البجلي، والشيوخ الذين قد علم أنه ما سمع منهم، بل له منهم إجازة؛ كان له سائغًا، والأحوط تجنّبه". وقال في "الميزان" (١/ ١١١) أيضًا متعقبًا الخطيب: "هذا مذهب رآه أبو نعيم وغيره، وهو ضرب من التدليس" - وانظر "تذكرة الحفاظ" (٣/ ١٠٩٥ - ١٠٩٦). هكذا أنصف الذهبيُّ أبا نُعيم بالحجَّة والدليل، وتحمَّس السبكي للدفاع عن أبي نعيم، فقال في "طبقات الشافعية الكبرى" (٤/ ٢٤) بعد أن نقل كلام الخطيب: "هذا لم يثبت عن الخطيب، وبتقدير ثبوته، فليس بقدح، ثم إطلاق أخبرنا في الإجازة مختلف فيه، فإذا رآه هذا الحبر الجليل - أعني: أبا نعيم - فكيف يعدّ منه تساهلًا، ولئن عدَّ فليس من التساهل المستقبح، ولو حجَّرنا =