للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الفصل الخامس في آداب المحدِّث، وطالبِ الحديثِ، وما يتعلَّق بهما

وفيه طرفان:

الطرف الأول: في آدابِ المحدِّث:

١٧٦ - اعْلَم أنَّ عِلمَ الحديثِ علمٌ شريفٌ يناسبُ مكارمَ الأخلاقِ، وينافي مَساويها، وهو مِنْ عُلومِ الآخِرةِ لا مِنْ عُلوم الدُّنيا (١)، فَمَنْ رُزِقَه فقَد نَالَ فَضْلًا جَزيلًا، ومَن حُرِمَه فقد حُرِم خَيرًا كَثيرًا.

فَمَن أرادَ التَّصدِّي لإسماعِ الحديث أو لإفَادَةِ شَيءٍ مِنْ عُلُومه، فَلْيقدِّمْ تصحيحَ النيَّةِ وإخلاصَها، ولْيُطهِر قلبَه مِنَ الأغراضِ الدُّنيويةِ


(١) قال سفيان الثوري: "ليس طلب الحديث من عدّة الموت، ولكنه علم يتشاغل به الرجال" ذكره الذهبي في "تذكرة الحفاظ" (١/ ٢٠٤) وقال على إثره:
"قلت: صدق والله إن طلب الحديث شيء غير الحديث فطلب الحديث اسم عرفيٌّ لأمور زائدة على تحصيل ماهية الحديث؛ وكثير منها مراق إلى العلم؛ وأكثرها أمور يشغف بها المحدِّث من تحصيل النُسخ المليحة، وتطلب العالي، وتكثير الشيوخ، والفرح بالألقاب والثناء، وتمني العمر الطويل ليروي، وحبّ التفرد، إِلى أُمور عديدة لازمة للأغراض النفسانية، لا الأعمال الربانية، فإِذا كان طلبُك الحديث النبوي محفوفًا بهذه الآفات فمتى خلاصك منها إلى الإخلاص؟ وإذا كان علم الآثار مدخولًا فما ظنك بعلم المنطق والجدل وحكمةِ الأوائل التي تسلب الإيمان وتورث الشكوك والحيرة التي لم تكن -والله- من علم الصحابة والتابعين". وانظر: "نكت الزركشي" (٣/ ٦٣٧ - ٦٣٨).

<<  <   >  >>