للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الخامس: العلو المستفاد من تقدُّم السَّماع، وذلك بأن سمع شخصان من شيخ واحد، وسماع أحدهما قبل الآخر بزمان، فإذا تساوى السند إليهما بالعدد فيقال لمن تقدَّم سماعه أعلى (١).

* [معنى آخر للعلو]:

وقد يُطلقُ علوُّ الإسناد ويراد به صحَّته (٢) على ما روي عن الحافظ


(١) مثَّل عليه ابن دقيق العيد في "الاقتراح" (ص ٢٧٠) بسماع ابن بنت السِّلفي، واسمه عبد الرَّحمن بن بكر بن عبد الرَّحمن الطرابلسي المعروف بـ (ابن الحاسب) (ت ٦٥١ هـ)، وسمع من جدّه أبي الطاهر السلفي، وإليه علو الإسناد بالديار المصرية، وسماع أبي الحسن علي بن المفضَّل اللخمي المقدسي (ت ٦١١ هـ) من أبي الطاهر أيضًا، فالمقدسي أقدم سماعًا من ابن بنت السِّلفي، لتقدُّم وفاته عليه بأربعين سنة، فإذا سمع اثنان عن السَّلفي، أحدهما بواسطة المقدسي والآخر بواسطة ابن ابنته، فالأول يعدونه علوًّا، ويثبتون له مزيَّةً في الرواية، وأهمل ابن حجر في "النخبة" و"شرحها" هذا النوع، لعدم ظهور ثمرته، ولخفاء تأريخ الوفيات، والاختلاف فيها، ولحصول التغيُّر والاختلاط عند المتقدم في السن، فالمساواة من حيث الصحة متفاوتة، والترجيح لا يكون للعلو دائمًا، كما سيأتي، وانظر كتابي "البيان والإيضاح" (ص ١٤٨ - ١٤٩).
(٢) من العلماء من يعدُّ العلو: الإتقان والضبط، وإن كان نازلًا في العدد، وهذا علوٌّ معنويّ، والأول صوري.
وممن قال بهذا أبو طاهر السَّلفي، ونظم فيه - كما نقله المصنف - وكان يقول: "الأصل الأخذ عن العلماء، فنزولهم أولى من علو الجهلة على مذهب المحققين من النقلة، والنازل حينئذ هو العالي عند النظر والتحقيق".
ومثله: قول نظام الملك الوزير الصالح (ت ٣٨٥ هـ): "عندي أن الحديث العالي ما صحَّ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"، وإن بلغت رواته مئة"! وليس هذا - على التحقيق - من قبيل العلو المتعارف إطلاقه عند المحدِّثين، وإنما هو علو من حيث المعنى فحسب، انظر "المقنع" (٢/ ٤٢٥)، "فتح المغيث" (٣/ ٢٤).=

<<  <   >  >>