قلت: بيَّن ذلك الرافعي في آخر "أماليه" بقوله: "إملاء الحديث طريقة مسلوكة في القديم والحديث ويشيبه نبل فضل التبليغ والرواية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "بلغوا عني ولو آية". وفيه فائدة أخرى: وهي تقييد العلم بالكتاب، قال: وهاتان الفائدتان. الجسيمتان تحصلان بالإملاء متعاونين لا كالتبليغ والسماع بلا كتابة، أو الكتابة بلا سماع. ثم يختص الإملاء بفوائد أخرى: أحدها وهي العظمى-: صحة السماع وبُعده عن الخطأ والتحريف، وقد يصحف فيما يقرأ إما عن خطأ أو جهل. والثانية: إن الإملاء يشتمل بعد رواية الحديث على تصرف إما من جمع طرقه وشواهده أو ذكر أحوال رواته، والفوائد المتعلقة بمتنه، فيكون نشاط النفس لا حد لها، والانتفاع بها أكثر وأتم. الثالثة: ما فيه من زيادة التفهيم والتفهم للمذاكرة والمراجعة في تضاعيف الإملاء والكتابة، والمقابلة، ويدعو إليهما التأمل والفكر في تلك المهلة" هذا آخر كلام الرافعي، بواسطة "نكت الزركشي" (٣/ ٦٤٧ - ٦٤٨). (١) فإن تكاثر الجمع بحيث لا يُكتفى بمستملٍ واحد، اتَّخذ مُستمليين، فأكثر حتى يبلّغ بعضهم بعضًا وكان في مجلس أبي مسلم الكجِّي سبعة مستمليين، وحُزِر مَن كتبوا عنه بمحابرهم: نيّفًا وأربعين ألف محبرة. انظر: "أدب الإملاء والاستملاء" (٩٦ - ط دار الكتب العلمية)، "تاريخ بغداد" (٦/ ١٢١ - ١٢٢)، "جامع لأخلاق الراوي" (رقم ١١٦٠)، "تذكرة الحفاظ" (٢/ ١٧٧)، "التهذيب" (٥/ ٤٩). (٢) أصل اتخاذ المملي: ما أخرجه أبو داود (١٩٥٦) والنسائي في "الكبرى" (٤٠٩٤) وغيرهما من حديث رافع بن عمرو، قال: "رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - =