قال مُغُلطاي "إصلاح كتاب ابن الصلاح" (ق ١/ ٣٥ - ب): "قال الحميدي الحافظ: وأهل صناعة الحديث لا يقنعون بالسكوت فيما يتعلَّق بها ولا بدَّ من التَّصريح، وإلا لم يحكموا على السَّاكت بما لم يحكم، ولا قوَّلوه ما لم يَقُل؛ لأنهم شهودٌ وحكَّام فيما يروونه من الشَّرائع والأحكام، حتى إنَّهم إذا قرأوا على المحدِّث شيئًا من حديثه كرروا الإسنادَ في كلِّ حديثٍ ثم قرَّروه بعد ذلك، وقالوا: حدَّثك فلان عن فلان بما قرئ عليك؟ فإذا قال: نعم؛ أمسكوا، إلَّا إذا أملى أو قرأ، فيسقط حينئذ هذا السؤال عنه، ولعهدي بالشَّيخ أبي عبد الله الحسين بن عبد الله الأرْمَوي - وناهيك به علمًا وذكاءً، وكان قد تفقه على أبي حامد الإسفراييني، وسمع من أبي محمد يحيى بن البيع، وأبي عمر بن مهدي وغيرهما - وتصدر في جامع عمرو، فكنَا نقرأ عليه الحديث نحن وغيرنا، فكلما كرَّر القارئ عليه: حدَّثكم فلان، يقول: نعم، بدارًا إلى الواجب عليه، ومنهم من يجعل التَّقرير قبل القراءة احترازًا مما حكى بعضُ أصحابِ الحديث أنَّ رجلًا استأذنه في قراءة جزءٍ، ثم قرأه بين يديه، فلما استوعب قراءته إيَّاه قال له: حدَّثك به فلان عن فلان؟ قال: لا، قال: فلم تركتني أقرأ وقد استأذنتُك؟ فقال: إنك استأذنتني في القراءة ولم تسألني عما سوى ذلك".