للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

* [العبارة عن العرض في الرواية]:

وأما العبارةُ عنها عند الرواية فعلى مراتب:

أجودها: يقول: قرأتُ على فلانٍ، أو قُرئ عليه وأنا أسمع، وأقرَّ به، وهذا شائعٌ من غيرِ إشكال، ويجوزُ فيه من العبارات ما في السَّماع إذا أَتى بها مقيَّدة، كقولنا: حدَّثنا فلان قراءةً عليه، وأخبرنا فلان قراءة عليه، وفي الشِّعر: أنشدنا فلان قراءة عليه.

وأما إطلاق حدثنا وأخبرنا فاختلف فيه على ثلاثةِ مذاهب:

فمنهم مَن مَنَع منهما جميعًا، وقيل: إنه قولُ ابنِ المبارك، ويحيى بن يحيى التَّميمي، وأحمد بن حنبل، والنَّسائيّ، وغيرِهم (١).

ومنهم مَنْ جَوَّزَهُما جميعًا، وقيل: إنَّ هذا مذهب الحجَازِيين، والكُوفيين، والزُّهري، ومالكٍ، وسفيان بن عيينة، وَيَحيى بن سَعيد


(١) قال الخطيب: "هو مذهب خلق من أهل الحديث"، وإليه ذهب ابن معين والبرقاني، واختاره ابن دقيق العيد في "الاقتراح" (٢٤٨)، قال: "والذي أراه أن لا يستعمل فيها أخبرنا بالإطلاق ولا التقييد، لبُعد دلالة لفظ الإجازة عن الإخبار؛ إذ معناها في الوضع الإذن في الرواية"، وحكاه ابن الحاجب في "مختصره" الأصولي، وليس العمل عليه، ولا سيما من القرن السادس في بعد.
انظر: "الكفاية" (٢٩٢، ٢٩٣، ٢٩٧، ٣٠٠١)، كتابي "البيان والإيضاح" (٩٢ - ٩٣).
والمتأمل نقولات الخطيب عن الإمام أحمد يشك في أن مذهبه المنع، ولعله يرى الاحتياط فحسب. وتأمل ما نقله أبو داود في "مسائله" (٢٨٢) قال: "سمعت أحمد يقول: أرجو أن يكون العرض لا بأس به، فقيل لأحمد: كيف يعجبك أن يقول؟ قال: يعجبني أن يقول كما فعل: إن قرأ قال: قرأت. قيل لأحمد وأنا أسمع: كان (أخبرنا) أسهل من حدَّثنا؟ قال: نعم، أخبرنا شديد"، فتأمل.

<<  <   >  >>