والقرائن التي يعرف بها الموضوع المذكور آنفًا ينبغي أن تقرر بعقل المحدّث، القائم على المعرفة للقواعد، ومتى تقع النكرة، وكيف تقوم، وعلى أي الأسس تبنى، من خلال النظر في كلام النقاد، وضوابطهم التي نصصوا عليها، وجمع منها ابن القيم في "المنار المنيف" جملة حسنة، وهي مهمة للطالب المبتدي، ولا غُنية للمتأخرين عن أحكام السابقين، وللنابهين من طلبة علم الحديث المتمكنين أن يبنوا عليها إن قامت الأهلية عندهم، ولا سيما عند الوضع الجديد الذي انبهر به (المسقطون) للأحاديث على الأحداث الجسام، وبلونا الكذب الصراح على بعضهم، فاخترع من رأسه أسماء مخطوطات لا وجود لها في الخارج، ونقل منها نصوصًا مكذوبة، فعاد (الوضع) في زمن الفتنة التي تضيع فيها العقول، وساعد على الانتشار القصاص وجماعة التبليغ، وإلى الله المشتكى من غربة العلم وأهله. ومن القرائن التي تخص حال المروي وألفاظ الحديث ويعرف منها الوضع، أن يروي الراوي حديث "لا تؤكل القرعة حتى تذبحها"! فالقرع نبات وليس بحيوان، فهو مما لا يذبح، أسند الرامهرمزي في "المحدث الفاصل" (٣١٦) والخطيب في "الجامع" (٢/ ٢٥٧) رقم (١٧٧٩) عن عبد الجبار بن عبد الله قال: قيل لشعبة: من أين تعلم أن الشيخ يكذب؟ قال: إذا روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تأكلوا القرعة حتى تذبحوها" علمت أنه يكذب. (١) يعمله بعض الرواة للإغراب، وليصبح مرغوبًا فيه. وهنالك نوع آخر في (المقلوب) يقع في الإسناد أيضًا، بأن يقدم الراوي ويؤخر في اسم أحد الرواة، كأن يكون الأصل (كعب بن مرة) فيقول (مرة بن كعب)، والمثال الذي ساقه المصنف هنا وفي الذي يليه يطلق على راويه (يسرق الحديث).