للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

مالك بن أنس جَلَس للنَّاس وله نيِّف وعشرون سَنةً، وأُخِذَ العلمُ عَنِ الشَّافعي وَهُو في سِنِّ الحَدَاثةِ، وانتصَبَ لَذلك" (١).

[السنُّ الذي يترك فيه المحدث الحديث]:

١٧٨ - وأما السِّنُّ الذي إذا بَلَغه المحدِّث تَرَكَ فيها التَّحديثَ، ويُمسك عنه؛ فهي التي يُخْشَى عليه فيها الهرُم والخَرَفُ والاختلاطُ (٢)، وذلك يَختلِفُ باختلاف الناس.


= "واستحسانه هذا لا يقوم له حجة بما قال، وكم من السَّلف المتقدِّمين ومَنْ بعدهم من المحدّثين مَن لم ينته إلى هذا السِّنّ، ولا استوفى هذا العمر، ومات قبله، وقد نشر من. . .".
(١) الصواب أن هذا يختلف باختلاف القدرات والملكات، ولو كان هذا متساويًا في جميع الناس، لحدَّ الشرع له حَدًّا، والعقول تختلف في التقدير، والعبرة بالثمرة، وتقطف عند النضوج العلمي، والتقدم فيه، نعم، البركة جمع الأكابر، وهم مقدّمون على غيرهم، ولكن الجميع محكومون بالتقعيد، ولا أمير ولا مُقَدَّم في العلم إلا العلم.
و (الحاجة) المذكورة متفاوتة، وتشتد في زمان ومكان الغربة، وينبغي التفريق بين (المذاكرة) -فهذه يقدر عليها الموفَّق مِع مجموعة من أقرانه ومحبّيه- والتصدر للإملاء، فهذه للعلماء، ورحم الله امرءًا عرف قدر نفسه، وخدم دينه، وجهد على نشر العلم، ومسَّك بالسنة والكتاب، على منهج الأصحاب. وينظر: "علوم الحديث" (٤٢٠ - ط بنت الشاطئ) لابن الصلاح، "التبصرة والتذكرة" (٢/ ٢٠٥)، "فتح المغيث" (٢/ ٢٨٤)، كتابي "البيان والإيضاح" (١١١ - ١١٢).
(٢) حدّه الرامهرمزي في "المحدث الفاصل" (ص ٣٥٤) بالثمانين، وعبارته: "فإذا تناهى العمر بالمحدّث، فأعجب إليَّ أنْ يمسك في الثمانين، فإنه حدّ الهرم، والتسبيح والاستغفار وتلاوة القرآن أولى بابناء الثمانين، فإنْ كان عقله ثابتًا، ورأيه مجتمعًا، يعرف حديثه، ويقوم به، وتحرّى أن يحدِّث احتسابًا، رجوت له خيرًا".
قلت: بل عند تقدمه وضبطه فالناس يحتاجون إليه، وتعلو أسانيدهم به=

<<  <   >  >>