للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

* [التدرُّج في الطلب]:

وكُلَّما مرَّ اسم أو لفُظ بُحِثَ عنه، ويحفظهُ بقَلْبهِ وكِتَابَتِه (١)، ويحفظ الحديثَ قَلِيلًا قليلًا مَع الأيامِ واللَّيالي (٢).


(١) قوله: "وكتابته" من زيادات النووي (١/ ٥٢٢) وتبعه ابن جماعة (١٠٩) وتبعهما المصنف، وزاد ابن الصلاح: "فإنه يجتمع له بذلك علم كثير في يُسْرٍ".
(٢) التّدرّج في الطلب سنّة متّبعة، ولا ترسخ القدم إلا بسلوكها، ولذا كان معمر يقول: "من طلب الحديث جملة ذهب منه جملة" أخرجه عبد الرزاق (٢/ ٣٢٥) وبنحوه عن قتادة عند ابن نقطة في "التقييد" (١/ ٤٦١) والمزي في "تهذيب الكمال" (٢٣/ ٥١٢) وقلَّ أن يُفلحَ من اقتصر على الفكر والتعقل بحضرة الشيخ خاصة ثم يتركُه ويقوم، ولا يعاوده، وذكر ابن السبكي في "طبقاته" (٣/ ١٦٦) عن محمد بن سعيد الشافعي قال: "حضرتُ مجلس الشيخ أبي إسحاق المروزي، فسمعته يقول: قال لنا الإمام أبو العباس بن سُريج: بأيِّ شيء يتخرَّجُ المرءُ في التعلم؟ فأعيى أصحابنا الجوابُ، فقلتُ أنا: يتفكر في الفائدة التي تجري في المجلس، فقال: أصبتَ! بهذا يتخرّج المتعلِّم". واعلم أنه مما أضر بالطلبة في التحصيل والوقوف على غاياته: كثرةُ التآليف، واختلاف الاصطلاحات ثم مطالبة المتعلم والتلميذ باستحضار ذلك، فيحتاج المتعلم إلى حفظها كلها أو أكثرها، ومراعاة طرقها، ولا يفي عمره بما كتب في صناعة واحدةٍ إذا تجرد لها، فيقعُ القصورُ -ولابُدّ- دون رُتبة التحصيل، أفاده ابن خلدون، وزاد قوله في "مقدمته" (ص ٥٠٢): "اعلم أن تلقين العلوم للمتعلمين إِنما يكون مفيدًا؛ إذا كان على التدريج شيئًا فشيئًا وقليلا قليلا، يلقي عليه أولا: مسائلَ من كل باب من الفن هي أصولُ ذلك الباب، ويقربُ له في شرحها على سبيل الإِجمال، وُيراعي في ذلك قوَّة عقله واستعداده لقبول ما يَرِدُ عليه حتى ينتهي إلى آخرِ الفن، وعند ذلك يحصل له ملكة في ذلك العلمِ؛ إلا أنَّها جزئية وضعيفة، وغايتها أنَّها هيَّأته لفهم الفن ثانيةً فيرفعه في التلقين عن تلك الرتبةِ إلى أعلى منهما، ويستوفي الشرحَ والبيانَ، ويخرج عن الإِجمالِ، ويذكر له ما هنالك من الخلافِ ووجهِهِ =

<<  <   >  >>