للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

مجهولًا، فيسقط العملُ بالحديث؛ لجهالة الراوي، وإنْ كان عدلًا في نفس الأمر، وله مصلحةٌ، وهو امتحان النَّفس في استخراج التَّدليسات" (١).

وأما القسم الثاني فأمرُه أخفُّ (٢) وفيه تضييعٌ للمروي عنه، وتوعيرُ طريقِ معرفتهِ (٣) على مَنْ يطلبُ الوقوفَ على حالهِ.

* [عودة إلى حكم التدليس]:

وتختلف كراهيةُ ذلك بحسب الغَرَضِ الحاملِ عليه (٤)، فقد يكونُ


(١) الاقتراح (ص ٢١٤) بتصرف.
ومن مفاسد التدليس وسوالبه: التزيُّن بعدم، والتشبُّع بما لم يعط، وأما امتحان النفس، فهي مصلحته، ومثاله: ما ذكره الذهبي في "رحلته" أنه لما اجتمع بابن دقيق العيد، سأله ابن دقيق العيد: مَنْ أبو محمد الهلالي؟ فقال: سفيان بن عيينة، فأعجبه استحضاره. أفاده السخاوي، وانظر كتابي "البيان والإيضاح" (٨٥).
(٢) لم يبِّين المصنِّفُ - تبعًا لابن الصلاح - حكمه، واكتفى بقوله: "أمره أخف"، فأردت بيان الحكم فيه للفائدة: وقد جزم أبو نصر ابن الصباغ في "العدة" أن من فعل ذلك لكون من روى عنه غير ثقة عند الناس، وإنما أراد أن يغيّر اسمه ليقبلوا خبره، يجب أن لا يقبل خبره، وإن كان هو يعتقد فيه الثقة، فقد غلط، لجواز أن يعرف غيره من جرحه ما لا يعرفه هو، وإنما كان لصغر سنه، فيكون ذلك رواية عن مجهول لا يجب قبول خبره حتى يعرف من روى عنه، قاله العراقي في "التقييد والإيضاح" (١٠٠).
(٣) قد يكون لامتحان الأذهان في استخراج المدلسات، واختبار الحفظ، وقد يكون لغير ذلك فتحصل المفسدة، قاله البُلقيني في "محاسن الاصطلاح" (٢٣٥).
(٤) هذا من جهة، وتختلف الكراهة أيضًا على حسب الأثر المترتب عليه، كما بيَّنَاه قريبًا، والحمد لله وحده.

<<  <   >  >>