للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

على ما ذكرنا - للزم أن لا نجزم بأن كتابيهما أصحُّ كتبٍ، ولا أنَّ أحاديثهما صحيحة، حتى تتحقق عدالة رجالهما بغير هذا الطريق، كيف وقد ذكر الشيخ تقي الدين أن العلمَ اليقينيَّ (١) حاصل بصحَّته لكل أحد، لاتفاق الأمة على تلقي ما اتفقا عليه بالقبول، والأمة في إجماعهم معصومة، ونحن نعلم بالجزم أن من في الأمة ممن جزم بصحته ليس له علم بعدالة كلّ واحد إلَّا بالطريق الذي ذكرناه.

* [الضبط وطريقة معرفته]:

٨٨ - الثانية: في كونه ضابطًا، وإنما يُعرف كون الراوي ضابطًا بأنْ


= لهما منزلة عظيمة، ولا يتكلم فيهما بالجملة إلَّا غرٌّ جاهل، متطفل على أهل الصنعة الحديثية، أو صاحب هوى وتحكُّم، أخذ به مشربه، وأحاط به، فأبعده عن الجادّة.
ولما تقدم، قال الحافظ أبو الحسن علي بن المفضَّل اللخمي المقدسي (ت ٦١١ هـ) في الرجل الذي يخرج عنه في "الصحيحين" أو أحدهما: "هذا جازَ القَنطرة" ذكره عنه التُّجيبي في "رحلته" (ص ٣٤) وابن حجر في "هدي الساري" (٣٨٤) وجماعة.
وفسَّر الشيخ (ابن دقيق العيد) كلام المقدسي ونصره، فقال على إثره: "يعني بذلك: أنه لا يلتفت إلى ما قيل فيه، وهكذا نعتقد وبه نقول، ولا نخرج عنه إلَّا ببيان شافٍ، وحجة ظاهرة، تزيد على المعنى الذي قدمناه من اتفاق الناس بعد الشيخين على تسمية كتابيهما بالصحيحين، ومن لوازم ذلك تعديل رواتهما".
ونقله عنه وارتضاه وفصّل فيه ابن رشيد الفهري في "ملء العيبة" (٥/ ٣٢٧ - ٣٣١) وقال عنه: "وهي مسألة نفيسة جدًّا تمسّ الحاجة إليها" وقال بعد ذلك: "فتفهَّم هذا كلِّه، فإنه مهمٌّ خافٍ، والحاجة إليه ماسّة، والسالكون مضيق التحقيق أفذاذ قليلون، والكثير يسلك مسلك الرَّحب، وينكَب عن الصعب الضّيِّق، والله المرشد لواضح السبيل بمنِّه"، من كتابي "البيان والإيضاح" (ص ١٨٨ - ١٩١).
(١) انظر ما قدمناه في التعليق على (ص ١٥٨).

<<  <   >  >>