للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

إلا أنَّه عُرضةٌ للشَّك، والخلافِ، فيكتب عليه "صح"، ليُعْرَفَ أنّه لم يَغْفَلْ عنه، وأنّه قد ضُبطَ وصَحَّ على ذلك الوَجه.

[[التضبيب]]

وأما التَّضبيبُ، ويُسمَّى التَّمريض أيضًا، فيُجْعَل على ما صَحَّ وُرودُه مِنْ جهةِ النَّقل كذلك، إلا أنّه فاسد لَفظًا أو معنىً، أو ضعيفٌ، أو نَاقِصٌ، مثلَ أن يكونَ غيرَ جائزٍ من جهةِ العربيَّةِ، أو يكون شاذًّا عند أهلِها، أو مُصَحَّفًا، أو ينقُصَ من جملةِ الكلام كلمة أو أكثر، وما أشبه ذلك، يُمَدُّ خَطٌّ أوّلهُ مِثلُ الصَّاد، ولا يُلْزَقُ بكلمةٍ معلَّمة عليها لئلا يُظنَّ ضَربًا، فكأنّه صَادُ التَّصحيح (١) كُتِبَتْ كذلك ليفرِّق بين ما صَحَّ مُطلَقًا، وبينَ مَا صَحَّ روايةً فحسبُ (٢)، نحو هذا "صـ" (٣)، ويُسَمَّى ضَبَّةً لكونِ


(١) بمدَّتها دون حائها، انظر "الاقتراح" (٣٠٠)، "نكت الزركشي" (٣/ ٥٨٧).
(٢) قاله عياض في خطبة "مشارق الأنوار" (١/ ٤) ثم في "الإلماع (١٦٧).
قال أبو عبيدة: وفي هذه التدابير وغيرها دلالة واضحة على ضرورة احترام النص، وعدم العبث به وتغييره، لأي سبب من الأسباب، وإذا بدا خطأ فيه لناسخه فلا يقدم على تصحيحه، إلا إذا تبيّن وجه الصواب فيه ووجوب الإشارة إلى ما كان في الأصل، وتمييزه عما صححه، وفق طريقة متّبعة، متعارف عليها. انظر كتابي "البيان والإيضاح" (١٤٠).
(٣) أشاروا بكتابة الضبَّة نصف (صح) إلى أن الصحة لم تكْمُل فيما هي فوقه مع صحّة روايته أو مقابلته مثلًا، وإلى تنبيه الناظر فيه على أنه مُتَثَبِّتٌ في نَقْله، غيرُ غافِلٍ، فلا يظُنُّ أنه غَلَطٌ فيُصْلحه، قاله الغزي في "الدر النضيد" (٤٤٩)، والعلموي في "المعيد في أدب المفيد والمستفيد" (١٣٦).
وقد يضع الناسخ الحاذق علامة (كذا) ويكتب فوق الكلمة، وهي الأخرى تدل على معنى فاسد عنده، وهي الشك والتردد، أو تكون تنبيهًا منه على تيقظه عند نسخه للكتاب، وأنه هكذا وجده في الأصل المنقول عنه،=

<<  <   >  >>