للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[[صنيع أبي داود في "سننه"]]

وأما قول أبي داود في "السُّنن": حدثنا مُسَدَّد وأبو تَوبة المعنَى قالا: حدَّثنا أبو الأحْوَص (١)، مع أشباهِ هذا في كتابهِ، فيُحتَمل أنْ يكونَ من قَبيل الأوَّلِ، فاللفظ المسدَّد، يوافقهُ أَبُو تَوبة في المعنى، ويحتمل أن يكون مِنْ قَبيل الثَّاني، فلا يكون قد أورد لفظَ أحدِهما خاصّةً، بل رواه


= لم يؤدّ الحديث كما سمعه، بل تصرف في الألفاظ والسياق، حتى يتمكن من التعبير عن المعاني المتفرقة، ولهذا فكثير من الأحاديث التي فيها جمع المفترق لا تخلو من الرواية بالمعنى في بعض السياق أو أكثره، ولذا فلا بد لمن يجمع المفترق أن يكون فيه من القدرات ما يشترط للرواية بالمعنى، وسبق ذكرها مفضلة في التعليق على (ص ٥٨٨ - ٥٨٩)، ولذا تكلم جماعة من النقاد والجهابذة في بعض الرواة بسبب عدم ضبطهم للمعنى عند التلفيق، ولذا هنالك صلة وثيقة. بين (التلفيق) و (علم العلل) وعلى الرغم من وجود (التلفيق) في بعض روايات "الصحيحين" إلا أن لصاحِبَيها (ذوق) و (نقد) في ذلك، وهذا مثال يوضح المقصود، قال أبو يعلى الخليلي في "الإرشاد" (١/ ٤١٧): "ذاكرت يومًا بعض الحفاظ، فقلت: البخاري لم يخرج حماد بن سلمة في الصحيح وهو زاهد ثقة؟ قال: لأنه يجمع بين جماعة من أصحاب أنس، يقول: حدثنا قتادة وثابت وعبد العزيز بن صهيب، وربما يخالف في بعض ذلك، فقلت: أليس ابن وهب اتفقوا عليه وهو يجمع بين أسانيد، فيقول: حدثنا مالك وعمرو بن الحارث والليث بن سعد والأوزاعي، ولجمع بين جماعة غيرهم؟ فقال: ابن وهب أتقن لما يرويه وأحفظ له".
ومع هذا، فإن أصحاب "الصحيحين" لم يسلما من النقد بسبب التلفيق الواقع في "صحيحيهما"، وسيأتي تنبيه المصنف عليه، وينظر تعليقنا هناك.
(١) سنن أبي داود: (٣٧٥) كتاب الطهارة: باب بول الصّبي يصيب الثوب، قال: حدثنا مسدد بن مسرهد والربيع بن نافع -المعنى- قالا: نا أبو الأحوص وساق بسنده إلى لبابة بنت الحارث رفعته: "إنما يُغسل من بول الأنثى. . .".

<<  <   >  >>