وهذا ما رآه ابن حجر؛ فقد قرر أن لا اعتراض على الشيخين فيما أورداه من المعلّقات؛ لأن موضوع كتابيهما إنما هو للمسندات، والمعلق ليس بمسند، ولهذا لم يتعرض الدّارقطني فيما تتبعه على "الصحيحين" إلى الأحاديث المعلقة التي لم توصل في موضع آخر لعلمه بأنها ليست من مقصود الكتاب؛ وإنما ذكرت استئناسًا واستشهادًا. تاسعًا: في قول ابن الصلاح المتقدم: "فإيراده له في أثناء الصحيح مشعر بصحة أصله" إشارة إلى أن ما أورده في "مقدمة الصحيح" (٧) ليس كذلك؛ كقوله فيها: "وقد ذُكِر عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: "أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ننزّل الناس منازلهم" وينظر إلى هذا الحديث من جهتين: الأولى: بالنّظر إلى أنّ لفظه ليس لفظًا جازمًا بذلك عن عائشة - رضي الله عنها -، غير متقضٍ كونه مما حكم بصحَّته. الثانية: وبالنظر إلى أنه احتج به، وأورده إيراد الأصول لا إيراد الشواهد؛ يقتضي كونه مما حكم بصحته. ويلاحظ أنّ العلماء استثنوا هذا الحديث من المعلّقات، ولم يعدّوه في جملتها؛ لممايزتهم بين ما أورده في أثناء "الصحيح"، وبين ما أورده في "المقدمة" وهذا ما قررناه في كتابنا "الإمام مسلم ومنهجه في الصحيح" تحت: عنوان "شرطه في المقدمة ليس شرط الصحيح". وينظر: "صيانة صحيح مسلم" (٦٤)، "شرح النووي على صحيح مسلم" =