أحدهما: أن ينظر إلى الشريعة بعين الكمال، ولا ينظر إليها على أن فيها تعارضًا، وأنْ يوقن أن لا تضاد بين آيات القرآن، ولا بين الأخبار النبوية، ولا بين أحدهما مع الآخر، فإذا أدى بادي الرأي إلى ظاهر الاختلاف، فواجب عليه أَنْ يعتقد انتفاء الخلاف؛ لأن الله قد شهد أن لا اختلاف فيه، فليقف وقوف المضطر السائل عن وجه الجمع، أو المسلم من غير اعتراض. والأمر الثاني: أنَّ قومًا قد أغفلوا، ولم يمعنوا النظر، حتى اختلف عليهم الفهم في القرآن والسنة؛ فأحالوا بالاختلاف عليهما، وهو الذي عاب عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حال الخوارج، حيث قال: "يقرؤون القرآن، ولا يجاوز حناجرهم". قلت: وحديث الخوارج لفظه المذكور في "صحيح مسلم" (١٠٦٦) عن علي - رضي الله عنه -. وينظر في تحرير هذا المعنى وبسطه: "الإحكام" لابن حزم (٢/ ٣٥)، "زاد المعاد" (٤/ ١٤٩)، "كشف الأسرار" (٢/ ٨٨) للنسفي، كتابي "التحقيقات والتنقيحات" (ص ٣٩٠). (١) طبع أكثر من مرة، وقال عنه النووي في "التقريب" (٢/ ١٩٦ - مع "التدريب"): "لم يقصد -رحمه الله - استيفاءه، بل ذكر جملة ينبّه بها على طريقه" وبنحوه في "الإرشاد" (٢/ ٥٧٢) و "المقنع" (٢/ ٨٠). (٢) كتابه "تأويل مختلف الحديث"، قال عنه ابن كثير في "اختصار علوم الحديث" (ص ٧٨): "مجلد مفيد، وفيه ما هو غث، وذلك بحسب ما عنده من العلم". وحققه أخونا أحمد الشقيرات، واعتمد على عدة نسخ متقنة، من أهمها نسخة ابن المهتر المشهور بدقته، وهي نسخة ألمانية، ولم ينشره لغاية الآن. وانظر عنه "مختلف الحديث بين الفقهاء والمحدثين" (ص ٦١ - ٦٦) للدكتور نافذ حماد. ومن الكتب في هذا الباب: "تهذيب الآثار" لابن جرير، و "مشكل الآثار" و "شرح معاني الآثار" كلاهما للطحاوي، و "مشكل الحديث وبيانه" =