الثاني: بعض هؤلاء كابن أبي عروبة، اختلط، ولم يخرج له البخاري إلَّا قبل اختلاطه. الثالث: بعضهم حافظ، والكلام فيه من جهة كونه مبتدعًا، كذرّ وعبد الوارث. الرابع: جل المذكورين أخرج لهم البخاري في المتابعات، وتنظر تراجمهم في "هدي الساري". قال ابن القيم في "الفروسية (٢٤٢) عن راوٍ: "وأما استشهاد البخاري به في "الصحيح"، فلا يدلُّ أنه حجة عنده، لأن الشواهد والمتابعات يحتمل فيها ما لا يحتمل في الأصول، فقد استشهد البخاري في "صحيحه" بأحاديث جماعة، وترك الاحتجاج بهم"، وانظره - لزامًا - (ص ٢٤٠، ٢٤١، ٢٧٧، ٢٧٨ بتحقيقي). الخامس: يلحظ مما سبق أن ليس كلّ من أورده البخاري في "ضعفائه" ساقطًا بمرة، أو هو مطروح وواهٍ. وقد توسع الحاكم فألزمهما ما لا يلزمهما، وضيق ابن حزم وتعنّت، فحكم على بعض الأحاديث فيهما ممن في رواتها كلام بالوضع! قال ابن القيم في "الفروسية" (ص ٢٤٠ - ٢٤١/ بتحقيقي): "وهنا يعرض لمن قصَّر نقدُه وذوقه هنا عن نقد الأئمة وذوقهم في هذا الشأن نوعان من الغلط، ننبِّه عليهما لعظيم فائدة الاحتراز منهما: أحدهما: أن يرى مثل هذا الرجل قد وُثِّق، وشهد له بالصدق والعدالة، أو خُرِّج حديثه في الصحيح، فيجعل كلَّ ما رواه على شرط الصحيح. وهذا غلط ظاهرٌ، فإنه إنما يكون على شرط الصحيح إذا انتفت عنه العلل والشذوذ، والنكارة، وتوبع عليه، فأما مع وجود ذلك أو بعضه؛ فإنه لا يكون صحيحًا، ولا على شرط الصحيح. ومن تأمل كلام البخاري ونظرائه في تعليله أحاديث جماعة أخرج حديثهم في "صحيحه"؛ علم إمامته وموقعه من هذا الشأن، وتبيَّن به حقيقة ما ذكرنا. =