للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

عند الحُكَّام، ولا يتعذَّر عليهم ذلك، فاعتُبِرَ فيها العدالةُ في الظَّاهر والباطن" (١).

قلت: قول الشَّيخ تقيِّ الدين غير ظاهر في المقصود؛ لأنه إن كان المراد بظاهر العدالهَ مَن شَهَد مُعدِّلان على عَدَالته؛ فلا نزاعَ لأحدٍ في قَبول شَهَادته، وروايمَه في ظاهر الشَّرع، وإنْ كان باطنهُ بخلافِ الظَّاهر، وإنْ كان المرادُ من اشتهر بالعدالة بين الناس، فلا نزاع فيه أيضًا؛ لما تقدَّم، وإِن لم يكن شيء من ذلك فلا نسلِّم أنه يقالُ له ظاهر العدالة (٢).

وأما قوله: "بخلاف الشهادة؛ فإنه اعتبر فيها العدالة ظاهرًا وباطنًا"، ففيه بحث، فإنَّ المعدِّلَين إذا غَلَب على ظنِّهما صلاحُ رجلٍ بعد الاختبار والصُّحبة، وشهدا بعدالته يُعتبر تعديلُهما قطعًا، وحكم الحاكم بشهادة الرَّجُلِ المعدَّل وإِن كان في الباطنِ غيرَ عدل (٣)، اللَّهم إلَّا إذا


(١) مقدمة ابن الصلاح (ص ١١٢).
(٢) مثله عند مغُلطاي في "إصلاح كتاب ابن الصلاح" (ق ٣٠/ ب).
(٣) مثله عند مُغُلْطاي في "إصلاح كتاب ابن الصلاح" (ق ٣٠/ ب)، ولا بد من تحرير معنى العدالة الظاهرة والباطنة، وهكذا صنع الزركشيُّ في "النكت على مقدَّمة ابن الصلاح" (٣/ ٣٧٨ - ٣٧٩)، فإنه ساق كلام التبريزي بطوله من قوله "غير ظاهر في المقصود … " إلى هنا، وقال غير مسلَّمٍ لاعتراضه بل دفعه بقوله:
"قلت: مراده بالعدالة الظاهرة: العلم بعدم الفسق، وأما الباطنة فهي التي يرجع فيها إلى أقوال المزكين، وقد صرح بذلك الأصحاب في كتاب الصيام، وحينئذ لا يصح الاعتراض، فإنه لم يرد بالباطنة ما في نفس الأمر، بل ما يثبت عند الحاكم، وإنما جرى فيه خلاف من جهة أن شرط قبول الرواية هل هو العلم بالعدالة أو عدم العلم بالفسق؟ فإن قلنا بالأول لم يقبل المستور وإلا قبلناه، وهذا متوقف على ثبوت الواسطة بين العدالة والفسق، وذلك باعتبار ما يظهر من تزكيته وعدمها، ولهذا فرَّق المحدثون بين الصحيح والحسن =

<<  <   >  >>