للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

في الإسْرَاع (١)، أو كان السَّامِعُ بعيدًا عن القارئ، أو نحو ذلك (٢).

ثم الظَّاهر أنّهُ يعفى في كلِّ ذلك عن قدْر يَسير، نحو كَلِمَتَين (٣).


(١) من الآداب المرعية في التحديث: عدم الإسراع المذموم، وعدم سرد الأحاديث على استعجال، على وجه لا تظهر فيه حروف بل كلمات، وهذا يخالف الصدق ومطابقة الواقع، ولا سيما أن قدرات التلاميذ في التَّنبُّه لما يُملي عليهم متفاوته قوةً وضعفًا، بل قد يكتب أحدهم شيئًا على غير وجهه، نتيجة لخداع السمع، حين يخلط المملي المهموسَ بالمجهور ونحو ذلك، والأدهى من ذلك أن يكون المملي غير مبين في كلماته، فلا يفصّل حروفه تفصيلًا، ولا يراعي مخارج الحروف، وهذا كله يوقع في "تصحيف السمع"، وقد انتشر ذلك في زمان ابن دقيق العيد، وتسامح فيه آنذاك المحدثون، واستمر ذلك إلى العصور المتأخرة، قال الذهبي في "الموقظة" (ص ٦٧): "وقد تسمَّح الناس في هذه الأعصار بالإسراع المذموم، الذي يخفى معه بعض الألفاظ، والسماع هكذا لا ميزة له على الإجازة، بل الإجازة صدق، وقولك: سمعت أو قرأت هذا الجزء كلَّه، مع التمتمة ودمج بعض الكلمات كذب".
نعم، السماع بالسرد الذي لا يتبين معه بعض الكلمات لا يدخل في الإجازة المقرونة بالسماع؛ لأنه يزعم أنه سمع من الشيخ جميع الجزء، وحقيقة الأمر ليس كذلك، فهو مما لا يطابق الواقع، وفيه تشبع بما لم يعط، ولا سيما إن لم يكن جميع ما في الكتاب واضحًا، وقد تتصحف أو تتحرف فيه بعض الكلمات، وقد تعجم بعض الحروف، ويلتبس بعض الشكل.
من كتابي "البيان والإيضاح" (١١٦ - ١١٧) بتصرف واختصار، وانظر "فتح المغيث" (٢/ ٤٥)، "توضيح الأفكار" (٢/ ٣٠٧).
(٢) أو كان في سمعه أو المسمع بعض ثقل.
(٣) ذهب الإمام أحمد وتبعه الجماهير أن من لم يدرك كلمة واثنتين وثلاث خفيت على السامع من كلام القارئ وهو يعرفها من السياق، جازت روايته، وهذا متجه، انظر "فتح المغيث" (٢/ ٤٥).
والورع ما كان عليه السابقون من التمييز، كما وقع للنسائي؛ فإنه كان =

<<  <   >  >>