قلت: اشتراط الرؤية "عجيب غريب جدًّا" على حد تعبير ابن كثير في "اختصار علوم الحديث" (١١٨)، وتعليل شعبة - إن صح عنه - يرد عليه بأن الشيطان قد يتشكَّل في صورة المملي المعروف، ونقل ابن تيمية في غير كتاب من كتبه أن الشيطان كان يتمثل في حورته، لمَّا يستغيث المنقطعون في الطرقات به. انظر كتابي "فتح المنان" (ص ٢٧٠ و ٣٢٠)، نشر الدار الأثرية. (١) واحتجوا بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بالاعتماد على سماع صوت ابن أم مكتوم المؤذن مع غيبة شخصه عمن يسمعه، وبوَّب عليه البخاري في (كتاب الشهادات): (شهادة الأعمى ونكاحه ومبايعته وقبوله في التأذين) (٦/ ١٩١ - ١٩٣ - مع "الفتح"). ويخدش فيه بأن الأذان لا قدرة للشيطان على سماع ألفاظه، فكيف بقوله، أفاده السخاوي في "فتح المغيث" (٢/ ٥٢). والأمر ليس خاصًّا بأمهات المؤمنين، بل هو في حقِّ مَنْ بعدهن ممن شاركن في إملاء الحديث، وإياك أن تغتر باستدلال يوسف هوروفش (المستشرق الالماني) في كتابه "المغازي الأولى ومؤلِّفوها" (ص ٤٢، ٧٨، ٧٩) بذلك على وجود الاختلاط العام بينهما منذ فجر الإسلام! فإنه غفلة عن هذا الأصل، وينظر كتابي "عناية النساء بالحديث النبوي"، "الحافظ العراقي وأثره في السنة" (١/ ٣٨٦). وينظر: "التبصرة والتذكرة" (٢/ ٥٨)، "توضيح الأفكار" (٢/ ٣٠٨). (فائدة) ذكر صاحب "فتح الملهم" (٢/ ٦٤) عن ابن حجر - وهو الهيتمي ووجدتها في "الإجازة في علم الحديث" له (ق ٣/ أ - بنسخة شستربتي) - عن بعض المحدِّثين أنه رحل إلى دمشق لأخذ الحديث عن شيخ مشهور بها، فقرأ عليه جملة، لكنه كان يجعل بينه وبينه حجابًا، ولم ير وجهه، فلما طالت ملازمته له، ورأى حرصه على الحديث، كشف له السرَّ، فرأى وجهه =