(١) بنحوه كلام الجويني في "البرهان" (١/ ٤١٤) و"التلخيص" (٢/ ٣٩١) والشيرازي في "اللمع" (٨١) والغزالي في "المستصفى" (١/ ١٦٦) وللحافظ أبي طاهر السِّلفي في كتابه "الوجيز في ذكر المجاز والمجيز" (٥٣ وما بعد) كلام بديع غاية في بيان صحة الإجازة، أورده بنصِّه وفصِّه لأهميته وقوَّته، قال - بعد كلام -: "فَاعْلَمْ الآن أَن الإِجَازَةَ جائزة عِنْد فُقَهَاء الشَّرْع، المُتَصَرفين في الأَصْل والفَرْع، وَعُلَمَاءِ الحديث في القديم وَالْحَديث، قَرْنًا فَقَرْنًا، وعَصْرًا فَعَصْرًا إلى زَمَانِنا هذا، ويُبِيْحُونَ بها الحديث، ويُخَالفون فيها المُبْتَدِعَ الخبيث الذي غَرَضُه هَدْمُ ما أَسَّسَهُ الشارع، وَاقْتَدَى به الصَّحَابيُّ وَالتَّابع، فَصَار فَرْضًا واجبًا وَحَتْمًا لازمًا.وَمَنْ رُزِقَ التَّوْفيق، ولَاحَظ التَّحقيق مِنْ جميع الخلق، بالغ في اتِّباع السَّلَف الَّذين هُمُ الْقُدى، وأَئِمَةُ الْهُدَى، إذِ اتِّباعُهُم في الْوَاردِ مِنَ السُّنَن مِنْ أَنْهَجِ السَّنَن وأَوْقى الجُنَن، وأَقْوى الْحُجَج السَّالِمة مِنَ الْعِوَج. وَمَا دَرَجُوا عَلَيْه هو الحقُّ الَّذي لا يَسُوغ خِلافُه، ومَنْ خالَفَه ففي خِلَافِهِ مَلَامُه، وَمَنْ تَعَلَّقَ به فَالْحُجَّة الواضحة سَلَك، وَبِالْعُرْوَةِ الْوثقى اسْتَمْسَك، وَالْفَرْضَ الواجب اتّبَع، وَعَنْ قَبُول قَوْلٍ لنَا في قَوْل مَنْ لا يَنْطِقُ عَنِ الهَوى وَفِعْلِهِ امْتَنَع.وَالله تَعَالَى يُوَفِّقْنا لِلاِقْتِدَاء وَالاتِّباع، وَيُوقِفُنا عَنِ الابْتِدَاء وَالابْتداع، فهو أرْحَمُ مَأْمُولِ وأكْرَمُ مسؤول.فإذا ثَبَتَ هذا وَتَقَرَّر، وَصَحَ بالْبُرْهان وَتَحَرَّر، فَكُلُّ مُحَقَّق يَتَحَقَّقُ ويَتَيَقَّن أَنَّ الإسناد ركْنُ الشَّرْع وأَسَاسُه فَيَتَسمَّتُ بكُلِّ طريقٍ إلى ما يَدُومُ به دَرْسُهُ لا انْدِراسُه، وفي الإجَازة - كما لا يَخْفىَ على ذي بصيرة وَبَصر - دَوَامُ مَا قَدْ رُوي وَصَحَّ مِنْ أثَر، وَبَقَاوة بَهَائه وَصَفَائه، وَبَهْجَته وَضِيائه، وَيَجبُ التَّعْويلُ عليها، والسكونُ أبَدًا إِلَيْها مِنْ غير شَكٍّ في صِحَّتها وَرَيْبٍ في فُسْحَتها؛ =
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute