من هذا كله يتبين لك صحة ما قاله ابن الصلاح وتابعه عليه المصنف، ونقل الزركشي في "نكته" (٣/ ٦٠٠) عن المزي قوله متعقبًا ما حكاه ابن الصلاح ما قدمته عن يحيى بن حسان، قال: "قال الحافظ المزي: هذه الحكاية فيها نظر، لأن ابن لهيعة من الأئمة الحفاظ لا يكاد يخفى عليه مثل هذا، وإنما تكلم فيه من تكلم بسبب من الرواة عنه، فمنهم من هو عدل كابن المبارك ونحوه، ومنهم من هو غير عدل؛ فإن كان الذي روى عنه عدل فهو جيد، وإلا كان غير عدل فالبلاء ممن أخذه عنه" انتهى كلام الزركشي. ولم أظفر بكلام المزي في "تهذيب الكمال" (١٥/ ٤٨٧ - ٥٠٣) ولا حكى ما نقله ابن الصلاح عن ابن حسان، ولذا استدركه عليه مُغُلْطاي في "إكمال تهذيب الكمال" (٨/ ١٤٤) ولم يتعقبه بشيء لا فيه ولا في "إصلاح كتاب ابن الصلاح"، ونقله ابن حجر في "التهذيب" (٥/ ٣٣٠) في زياداته عليه متابعًا -كعادته- مُغُلْطاي، والذي أُراه أن كلام ابن الصلاح صحيح، وتعقّب المزي صحيح، وأكثرنا من ذكر ما يدل على الأمرين، وتحتمله عبارة المصنف بخلاف حصر ابن الصلاح الدليل على ما رماه به في القصة التي ذُكِرت عن يحيى بن حسان. ومما يدلل على صحة كلام ابن الصلاح أيضًا ما قاله عنه ابن سعد في "طبقاته" (٧/ ٥١٦) قال: "وأما أهل مصر، فيذكرون أنه لم يختلط، ولم يزل أول أمره وآخره واحد، لكن كان يقرأ عليه ما ليس من حديثه، فيسكت عليه، فقيل له في ذلك، فقال: ما ذنبي! إنما يجيئون بكتاب فيقرأونه ويقومون، ولو سألوني لأخبرتهم أنه ليس من حديثي". وقال ابن قتيبة: كان يُقرأ عليه ما ليس من حديثه، يعني: فضغف بسبب ذلك، انظر "تهذيب الكمال" (٨/ ١٤٤)، "التهذيب" (٥/ ٣٣٠).