للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

أعلى مِنْ إسنادهِ (١) أولمرجِّح من وَجْهِ يُعْلم الطَّالبَ به، ويُرشدُه إليه، فإنَّ "الدِّين النَّصيحة" (٢).


= غير الأعلم أو الأسنّ، انظر "الاقتراح" (٢٧٠)، "شرحي على نظم العراقي عليه" المسمى "البيان والإيضاح" (١١٣).
(١) أصبح مدار العلوّ في الأزمنة المتأخرة على غير الضابط العارف، ذكر ابن دقيق العيد في "الاقتراح" (٢٧١) أن الأعلى إسنادًا قد يكون غير عارف بالصنعة، والأنزل إسنادا عارفًا ضابطًا، قال: "فهذا يتوقف فيه بالنسبة إلى الإرشاد المذكور، لأنه قد يكون في الرواية عن هذا الشخص العامّي ما يوجب خللًا".
قلت: كلامه رحمه الله في عصر الخير وأول ظهور الشر، أما في عصرِنا فلا فائدة من السماع وتتبُّع الإسناد العالي، إلا المُحاكاة والتقليد، دون تحصيل المقصد والثمرة، والتدقيق اليوم ليس من جهة السماع من الشيوخ، وإنما من تحصيل المخطوطات وتعدُّد الطبعات، وهذه مرحلة بعد مرحلة تقديم الإجازة على السماع في العصور التي سبقتها، كما تراه عند السخاوي في "فتح المغيث" (٢/ ٢٨٨).
وسبب هذا الشر والخلل: ترك نمط التعليم بالجثو على الركب بين يدي الفحول، والاكتفاء في النظر بالكراريس ومذكرات الدراسة النظامية، التي هي اليوم خير من الاقتصار على الذات إلَّا في حق آحاد، جعلنا الله منهم، ونفع بالجميع من الصادقين.
(٢) ومن النصيحة أيضًا: على الحديثي أن لا يغش الطلبة، وعليه أن يبتدأ معهم بالأهم فالمهم، ويبعدهم عن الإغراب وتتبع شواذ المسائل، ويجنِّبهم استغراق الاوقات في الجزئيات دون الرسوخ في القواعد والكليات، وعليه أن يشغلهم بصلب العلم قبل مُلَحه، وبالمنقول والمنصوص قبل المستنبط، وعليه أن يدلَّهم على العلماء الربانيين، ويملأ مسامعهم، ويرعى اهتماماتهم بواجب الوقت، مع نكران الذات، وتجنب تحقق الأمجاد، كما هو حاصل بين أهل الزمان، ومشاهد بالعيان، والله المستعان.
وحديث "الدين النصيحة" أخرجه مسلم في "صحيحه" (٥٥) من حديث تميم الداري، وفصَّلتُ في تخريجه في تعليقي على "الأربعين المغنية بعيون فنونها عن المعين" (رقم ٦٨١ - ٦٨٦) للعلائي، نشر الدار الأثرية، فانظره. =

<<  <   >  >>