روى بإسناده إلى أبي خليفة أنه قال: كان السبب في أن لم يسمع القعنبي من شعبة غير هذا الحديث أنه وافى البصرة نحو شعبة ليسمع منه، وبكَّر، فصادف المجلس قد انقضى، وقد انصرف شعبة إلى منزله، فحمله الشره على أن سأل عن منزل شعبة، فأرشد إليه، فوجد الباب مفتوحًا، فدخل من غير استئذان، فصادف شعبة جالسًا على البالوعة يبول، فقال: السلام عليكم، رجل غريب قدمت من بلد بعيد لتحدثني بحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فاستعظم شعبة ذلك، فقال: يا هذا! دخلت منزلي بغير إذن، وتكلِّمني على مثل هذا الحال، تأخَّر عني حتى أصلح من شأني، فقال: إني أخشى الفوت، فقال: تخشى الفوت بمقدار ما أصلح من شأني! فأكثر عليه الإلحاح، قال: وشعبة يخاطبه وَذَكَرُه في يده يستبرئ، فلما أكثر، قال: اكتب حديث منصور بن المعتمر، عن ربعي، عن أبي مسعود البدري، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن مما أدرك الناس. . " الحديث. ثم قال: "والله لا أحدثك بغير هذا الحديث، ولا حدثت قومًا تكون فيهم" وكان يجمله -كما في "السير" (١٠/ ٢٦١) - فيقول: "كان شعبة يستثقلني، فلا يحدثني، يعني حديث: "إذا لم تستح فاصنع ما شئت" كذا فيه! وينبغي إضافة: "غير حديث واحد، يعني حديث" أو ما معناه، قال الذهبي: "والحديث يقع عاليًا في "جزء الغطريف" لابن البخاري" وخرجته بتفصيل في شرحي لـ"جزء أبي عمرو الداني في علوم الحديث في بيان المتصل والمرسل والموقوف والمنقطع" وسميتُه "بهجة المنتفع" (رقم ٦٨، ٦٩، ٧٠، ٧١)، والحمد لله على آلائه ونعمائه. وقوله: "ويعتقد جلالته … ويتحرى رضاه" من زيادات النووي في "الإرشاد" (١/ ٥١٥) فلا يغرنك "قلت" قبلها في "المقنع" (١/ ٤١٠) وبعضها في "المنهل الروي" (١٠٩)، وأصل الكلام في "الجامع" للخطيب (١/ ١٩١).