(١) تقدير الخلاف فيما سبق قائم على: هل التفضيل قطعي أو اجتهادي! وهل هو في الظاهر والباطن أو في الظاهر فقط؟ والأمر كما قال المصنف رحمه الله تعالى. وأما القول بتقديم عثمان على علي، فإن الثوري قد رجَّح عليًّا على عثمان، ثم رجع عن ذلك ولعل تراجعه هو ما نقله ابن أبي زيد القيرواني عنه، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (٤/ ٤٢٦): "فإن سفيان الثوري، وطائفة من أهل الكوفة: رجَّحوا عليًّا على عثمان، ثم رجع عن ذلك سفيان وغيره. وبعض أهل المدينة توقف في عثمان وعلي، وهي إحدى الروايتين عن مالك؛ لكلن الرواية الأخرى عنه تقديم عثمان على عليٍّ، كما هو مذهب سائر الأئمة: كالشافعي، وأبي حنيفة وأصحابه، وأحمد بن حنبل، وأصحابه؛ وغير هؤلاء من أئمة الإسلام. حتى إن هؤلاء تنازعوا فيمن يقدم عليًّا على عثمان، هل يعدّ من أهل البدعة؟ على قولين: هما روايتان عن أحمد. وقد قال أيوب السختياني، وأحمد بن حنبل والدارقطني: من قدم عليًّا على عثمان فقد أزرى بالمهاجرين والأنصار. وأيوب هذا إمام أهل السنة، وإمام أهل البصرة، روى عنه مالك في "الموطأ"؛ وكان لا يروي عن أهل العراق، وروى أنه سئل عن الرواية عنه: فقال: ما حدثتكم عن أحد إلا وأيوب أفضل منه. وذكره أبو حنيفة فقال: لقد رأيته قعد مقعدًا في مسجد رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - ما ذكرته إلا اقشعر جسمي. والحجة لهذا ما أخرجاه في "الصحيحين" وغيرهما عن ابن عمر أنه قال: "كنا نفاضل على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ كنا نقول: أبو بكر، ثم عمر، ثم =