للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فابنُهَا وإنْ نَزَلَ، فالأخُ الشَّقيقُ، فالأخُ للأبِ، ثمَّ الأقرَبُ فالأقرَبُ، كالإرْثِ،

(فابنُهَا) أي: الحرَّةِ. فابنُهُ (وإن نَزَلَ) يُقدَّمُ الأقربُ فالأقربُ؛ لحديثِ أُمِّ سلَمَةَ، فإنها لما انقَضَت عِدَّتُها أرسَلَ إليها رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يخطِبُها، فقالَت: يا رسولَ الله، ليسَ أحَدٌ مِن أوليائي شاهِدًا. قال: "ليسَ مِن أوليائِكِ شاهِدٌ ولا غائِبٌ يَكرَهُ ذلِكَ" فقالت: قُمْ يا عُمر فزوِّج رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم-، فزوَّجَه. رواه النَّسَائِيّ (١).

قال الأثرمُ: قلتُ لأبي عبدِ الله: فحَديثُ عُمَرَ بن أبي سلَمَةَ حينَ زوَّجَ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- أمَّهُ أمَّ سلمَةَ أليس (٢) كانَ صَغيرًا؟. قال: ومَن يَقولُ كان صغيرًا؟ أليسَ فيه بَيانٌ.

ولأنَّه عَدلٌ مِن عَصَبَتِها، فثَبتَت له وِلايَةُ تَزويجِهَا، كأخيها.

(فالأخ الشَّقيقُ، فالأخ للأَبِ) لأنَّ وِلايَةَ النكاحِ حَقٌّ يُستَفادُ بالتَّعصيبِ، فقُدِّمَ فيه الأَخُ مِن الأَبَوَينِ، كالمِيرَاثِ، وكاستِحقَاقِ الميرَاثِ بالوَلاءِ.

فابنُ أَخٍ لأَبَوين، فابنُ أخٍ لأَبٍ، وإن سَفَلا.

(ثمَّ الأقربُ فالأقرَبُ) فعَمٌّ لأَبوَين، فعَمٌّ لأَبٍ، ثمَّ بَنوهُما (كالإرْثِ) أي: تَرتيبُ الوِلايَةِ بَعدَ الإخوَةِ على تَرتيبِ الميرَاثِ بالتَّعصيبِ، فأحقُّهم بالميرَاثِ أحَقُّهم بالوِلايَةِ، فلا يَلِي بَنو أبٍ أعلَى معَ بَني أبٍ أقرَبَ منه، وإن نَزَلت دَرَجتُهُم (٣). وأَوْلَى وَلَدِ كُلِّ أَبٍ أقرَبُهم إليه؛ لأنَّ مَبنَى الوِلايَةِ على الشَّفقَةِ والنَّظَرِ، ومَظِنَّتُها القرابَةُ، فأقرَبُهُم أشفَقُهُم.


(١) أخرجه النَّسَائِيّ (٣٢٥٤). وضعفه الألباني في "الإرواء" (١٨٤٦).
(٢) سقطت: "أليس" من الأصل.
(٣) "دقائق أولي النهى" (٥/ ١٣٢)، وانظر "فتح وهاب المآرب" (٣/ ٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>