للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ في صلاةِ المُسَافِرِ

قصرُ الصَّلاة الرُّباعيَّةِ

(فصلٌ في صلاةِ المسافرِ)

وهو (قصرُ الصَّلاةِ الرُّباعيةِ) أي: فعلُها في السفرِ ركعتين في الجملةِ، أمرٌ مجمعٌ عليه، لا نزاعَ فيه، حتى أنْ من العلماءِ مَنْ يوجبُه، وسندُ الإجماعِ: قولُ اللهِ تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النِّساء: ١٠١] الآية. وما تواترَ من الأخبارِ أنَّ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- كان يقصرُ حاجًّا، ومعتمرًا، وغازيًا. وكذلك أصحابُه من بعدِه.

وقد قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: صحبت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (١)، فكان لا يزيدُ في السفرِ على ركعتين، وأبو بكرٍ، وعمرٌ، وعثمانُ رضي الله عنهم كذلك. متفقٌ عليه (٢).

فإنْ قيلَ: فظاهرُ الآيةِ الكريمةِ: التقييدُ بالخوفِ من الكفارِ.

قيل: قدْ قال أبو العباسِ رحمه الله: إنَّ القصرَ قصرانِ؛ قصرٌ مطلقٌ، وقصرٌ مقيدٌ. فالمطلقُ: ما اجتمعَ فيه قصرُ الأفعالِ وقصرُ العدد، كصلاةِ الخوفِ حيث كان مسافرًا، فإنه يجتمعُ فيه القصران؛ قصرُ العددِ، وقَصرُ العملِ، فإنَّه يرتكبُ فيها أمورٌ لا تجوزُ في صلاةِ الأمنِ، والَايةُ وردتْ على هذا، وما عدا هذا فهو قصرٌ مقيَّدٌ،


(١) سقط: "وقد قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: صحبت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- " من الأصل. وانظر "شرح الزركشي" (٢/ ١٣٥).
(٢) أخرجه البخاري (١١٠٢)، ومسلم (٦٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>