للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ

الثَّاني: المُضَارَبةُ.

(فصلٌ)

(الثاني) من الخمسةِ أنواعٍ: (المُضَارَبةُ) بتسميةِ أهلِ العراقِ، مأخوذةٌ من الضَّرْبِ في الأرضِ، وهو السفرُ فيها للتجارةِ. قال تعالى: {وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [المزمل: ٢٠]. ويحتملُ أنْ يكونَ من ضربِ كلٍّ منهما بسهمٍ في الربحٍ.

وسمَّاها أهلُ الحجازِ: قِراضًا، فقيلَ: هو مِن القرْضِ، بمعنى القطعِ، يُقالُ: قَرَضَ الفأرُ الثوبَ: إذا قطعَه. فكأنَّ ربَّ المالِ اقتطعَ مِن مالِه قِطعةً وسلَّمَها إلى العاملِ، واقتطعَ له قِطعةً من ربحِها. وقيل: من المساواةِ والموازنةِ، يُقالُ: تقارضَ الشاعرانِ: إذا توازنا.

وهي جائزةٌ بالإجماعِ، حكاة ابنُ المنذرِ. ورُويتْ عن عمرَ، وعثمانَ، وعليٍّ، وابنِ مسعودٍ، وحكيمِ بنِ حزامٍ (١)، رضيَ اللهُ عنهم، ولمْ يُعرفْ لهم مخالفٌ. والحكمةُ تقتضيها؛ لأنَّ بالناسِ حاجةً إليها، فإنَّ النقدينِ لا تُنمَّى إلا بالتجارةِ، وليس كلُّ مَنْ يملكُها يُحسنُ التجارةَ، ولا كلُّ مَن يحسنُها له مالٌ، فشرعتْ لدفعِ الحاجةِ (٢).


(١) أخرجه ابن أبي شيبة (٤/ ٣٩٠) عن عمر. وأخرجه مالك في "الموطأ" (٢/ ٦٨٨) عن عثمان. وأخرجه عبد الرزاق (٨/ ٢٤٨) عن علي. وأخرجه البيهقي (٦/ ١١١) عن حكيم.
وذكره البيهقي في "معرفة السنن" (٨/ ٣٢٣) عن ابن مسعود.
(٢) انظر "كشاف القناع" (٨/ ٤٩٧)، "فتح وهاب المآرب" (٢/ ٢٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>