إنَّ الحمدَ لله، نحمدُه ونَستعينُه، ونَستغفِرُه، ونعوذُ بالله مِن شُرورِ أنفُسِنَا، وسيئاتِ أعمالِنا، مَن يهدِه الله فَلا مُضلَّ له، ومن يُضلِل فلا هاديَ له، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلاَّ اللهُ، وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه.
أما بعد:
فإنَّ كتابَ "دليل الطالب لنيل المطالب" للشَّيخ الفَقيه مَرعِي بنِ يوسفَ الكَرْمِي الحنبلي، المتوفى سنَةَ (١٠٣٣ هـ) من أهمِّ المتونِ العلميَّةِ في فقهِ المذهَبِ الحنبليِّ، وحُقَّ له أن يكونَ كذلك؛ إذ هو من أعظَمِ الكُتبِ نَفعًا، وأكثرِهَا جَمْعًا، وأوضَحِهَا إشَارَةً، وأسلَسِهَا عِبَارَةً، وأوسَطهَا حَجمًا، وأغزَرِهَا عِلمًا، وأحسَنِهَا تفصِيلًا وتَفرِيعًا، وأجْمَعِهَا تَقسيمًا وتنوِيعًا، وأكمَلِهَا تَرتِيبًا، وألطَفِها تَبويبًا، قد حوى غالِبَ أُمَّهَاتِ مسَائلِ المَذهَبِ، فمَن حصَّلها فقد ظَفِرَ بالكَنزِ والمطلَبِ، فهو كما قال مصَنِّفُهُ فيه:"بالغتُ في إيضَاحِه رَجاءَ الغُفرَانِ مِن اللهِ جَلَّ وعَلا، وبيَّنتُ فيه الأحكَامَ أحسَنَ بَيانٍ". ولقد صَدَقَ وبَرَّ ونصَحَ، فهو الحَبْرُ الإمَامُ، فإن مَن نَظَر فيه بعَين التَّحقيقِ والإنصَاف، وَجَدَ ما قال حقًّا وافيًا بالمرَاد من غير خلافٍ (١).
(١) اقتبست هذا النص من مقدمة المرداوي في "الإنصاف" في وصفه "للمقنع" دون ما بين المعكوفين منه، فأنزلته على "الدليل" وحق له هذا الوصف.