للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقيحُ، والدَّمُ، والصَّديدُ، نجسٌ، لكن يُعفى في الصلاةِ عن يَسيرٍ منه لم ينقُض، إذا كان من حيوانٍ طاهرٍ في الحياةِ، ولو مِن دم حائضٍ.

(والقيحُ، والدَّمُ، والصديدُ، نجسٌ، لكنْ يُعفى في الصَّلاةِ عن يسيرٍ منه) واحترزَ بالدَّمِ ونحوِه عن البولِ والغائطِ ونحوِهما، فإنَّه لا يُعفى عن يسيرِ شيءٍ من ذلك، لقولِه تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدَّثِّر: ٤] وقولِه عليه السلامُ: "تنزهوا من البولِ، فإنَّ عامَّةَ عذابِ القبرِ منه" (١). ولأنَّها نجاسةٌ لا يَشقّ إزالتُها، فوجبَت كالكثيرِ. وكذا ماءُ القروحِ، لكن يُعفى عنها عن أكثرَ مما يُعفى عن مثلِه من الدَّمِ، للاختلافِ فيها. ولهذا قال الإمامُ أحمدُ: هو أسهلُ من الدمِ.

ويُعفى عن يسيرٍ من ذلك، ولو من غيرِ مصلٍّ. أي: بأن كان دمَ آدميٍّ غيرِه، أو دمَ حيوانٍ طاهرٍ مأكولٍ أو لا، كالهرِّ. وقيل: يختصُّ العفوُ بدمِ بدنِ نفسِ المصلِّي وقيحِه وصديدِه. وليس المرادُ: المصلِّي المتلبسَ بالصَّلاةِ. (لم ينقضْ) وهو الذي لم يفحشْ في نفسِ كلِّ أحدٍ بحسبِه.

(إذا كان من حيوانٍ طاهرٍ في الحياةِ) وهو ما دونَ الهرِّ خلقةً، أوآدميٍّ. (ولو من دمِ حائضٍ) ونفاسٍ، وهو الصحيحُ من المذهبِ. جزمَ به في "المغني" و" الشرح " وابنُ رزين " والمنور"، وهو ظاهرُ " الوجيز ".

ولا يُعفى عن شيءٍ من دمٍ وقيحٍ وصديدٍ من حيوانٍ نجسٍ، ككلبٍ وحمارٍ؛ لأنَّه لا يُعفى عن يسيرِ فضلاتِه، كعرقِه وريقِه، فدمُه أَوْلى. ما لم يكنْ القيحُ والصَّديدُ من سبيلٍ، قبُلٍ أو دُبُرٍ، فلا يُعفى عن شيءٍ منه؛ لأنَّ حكمَه حكمُ البولِ والغائطِ.


(١) أخرجه الدارقطني ١/ ١٢٧ من حديث أنس. وصححه الألباني في "صحيح الترغيب" (١٥٩). وانظر "الإرواء" (٢٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>