للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتنوي بوُضُوئِها الاستباحَةَ.

وكذا يفعلُ كُلُّ مَنْ حَدثُهُ دائِمٌ.

ويحرمُ وطءُ المستحاضَةِ، ولا كفَّارةَ.

ويصلِّي دائمُ الحدثِ عقبَ طهرِه ندْبًا.

وعُلِمَ من هذا: أنَّه لا يصحُّ وضوؤُها لفرضٍ قبلَ وقتِهِ.

(وتنوي بوضوئِها الاستباحةَ. وكذا يفعلُ كلُّ مَنْ حدثُه دائمٌ) وهو مَنْ به سلَسُ بولٍ، أو مذيٍ، أو ريحٍ، أو رُعافٌ دائمٌ. يعني: أنَّ حكمَ هؤلاءِ، حكمُ المستحاضةِ فيما تقدَّمَ، لتساويهم معنًى، وهو عدمُ التحرزِ من ذلك، فوجبَ المساواةُ حكمًا. قال إسحاقُ بنُ راهويه: كان يزيدُ بنُ ثابتٍ عنده سلسُ البولِ، وكان يداويه ما استطاعَ، فإذا غلبه، صلَّى ولا يبالي ما أصابَ ثوبَه. لكن عليه أنْ يحتشيَ، كما تقدَّمَ في المستحاضةِ.

وإنْ كان محلُّ الحدثِ مما لا يمكنُ عصبُه كالجرحِ الذي لا يرقأْ دمُه، ولا يمكنُ شدُّه، أو مَنْ به باسورٌ أو ناصورٌ، ولا يمكنُ عصبُه، صلَّى على حسبِ حالِهِ؛ لفعلِ عمرَ، حيثُ صلَّى وجرحُه يثعب (١) دمًا. رواه أحمدُ.

(ويحرمُ وطءُ المستحاضةِ، ولا كفَّارَةَ) من غيرِ خوفِ عنتٍ منه، أو منها؛ لقولِ عائشةَ: المستحاضةُ لا يغشاها زوجُها (٢). فإنْ خافَه، أو خافتْه، أُبيحَ وطؤها، ولو لواجدِ الطَّولِ، خلافًا لابن عقيلٍ. وكذا إنْ كان به شبَقٌ شديدٌ؛ لأنَّه أخفُّ من الحيضِ، ومدَّتُه تطولُ، بخلافِ الحيضِ، ولأنَّ وطءَ الحائضِ قدْ يتعدَّى إلى الولدِ،


(١) في الأصل: "يتصبَّبُ".
(٢) أخرجه الدارمي (٨٣٠)، والبيهقي (١/ ٣٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>