للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

(للَّهِ): اسمٌ للذَّاتِ الواجبِ الوجودِ، المستحقِّ لجميعِ المحامدِ. ولهذا لم يَقلْ: الحمدُ للخالقِ والرازقِ، مما يوهِمُ اختصاصَ استحقاقِهِ الحمد (١) بوصفٍ دونَ وصفٍ.

وذهبَ الخليلُ بنُ أحمدَ، وأبو حنيفةَ: أنه ليس بمُشْتقِّ (٢). وذهبَ آخرون - وحكاه سيبَوَيْه عن الخليلِ - إلى خلافِهِ. فقيلَ: هو من أَلَهَ - بالفتح - إلاهةً. أي: عَبدَ عِبادَةً. والمعنى: أنَّه مسْتحقٌّ للعبادةِ دونَ غيرِها. وقال المُبَرِّدُ: هو منْ قولِ العربِ: أَلِهْتُ إلى فُلانٍ. أي: سَكنْتُ إليه.

وأصلُهُ: إلهٌ، لقولِهِ تعالى: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ} [الزّخرُف: ٨٤] فأُدْخِلَتْ عليه الألف واللَّامُ، فصارَ: الإلَهَ. ثمَّ أُلقيتْ حركةُ الهمزةِ على لامِ التعريفِ، ثمَّ سكِّنَتْ، وأُدْغمتْ في اللَّامِ الثانيةِ، فصارَ: اللَّه. ثمَّ فُخِّمَ، إجلالًا له وتعظيمًا، فقيلَ: الله (٣).

واخْتيرَ لفظُ الجلالةِ دون بقيةِ الأسماءِ، لأنه اسمُ اللهِ الأعظمِ، عند أكثرِ أهلِ العلمِ، وللإشارةِ إلى أنَّه تعالى كما يستحقُّ الحمدَ لصفاتِهِ، يستحقُّهُ لذاتِهِ.

ولم يعطفْ جملةَ الحمدِ على جملةِ البسملةِ، إيذانًا بأنَّ (٤) كلًّا من الجملتينِ مستقلٌّ بأداءِ المقصودِ. وأخَّرَها عنها، اقتداءً بكتابِ اللهِ تعالى، حيثُ قدِّمتْ فيه


(١) سقطت: "الحمد" من الأصل.
(٢) في الأصل: "أنه مشتقٌّ".
(٣) انظر: "المبدع" (١/ ٢٠).
(٤) تكررت: "بأن" في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>