للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وباركْ لَنا فيِمَا أعطَيتَ، وقِنا شرَّ ما قضيتَ، إنَّك تقضِى ولا يُقضَى عليك، إنَّه لا يَذِلُّ مَنْ واليتَ، ولا يَعِزُّ من عادَيتَ، تباركتَ ربَّنا وتعالَيت، اللَّهمَّ إنَّا نعوذُ بِرضَاكَ مِنْ سَخَطِك، ويعفوِك مِنْ عُقُوبتِكَ، وبكَ منكَ،

من: وليتُ الشيءَ، إذا لم يكنْ بينك وبينه واسطةٌ، بمعنى: أنَّ الوفيَ يقطعُ الوسائطَ بينه وبين اللهِ، حتى يصيرَ في مقامِ المراقبةِ والمشاهدةِ، وهو مقامُ الإحسانِ.

(وباركْ لنا فيما أعطيتَ) البركةُ: الزيادةُ، أو حلولُ الخيرِ الإلهيِّ في الشيءِ. وقولُه "فيما أعطيتَ" أي: أنعمتَ به. والعطيةُ: الهبةُ.

(وقنا شرَّ ما قضيتَ، إنَّك تقضي ولا يُقضى عليكَ) لا رادَّ لأمرِه، ولا معقِّبَ لحكمِه (إنَّه لا يذلُّ مَنْ واليتَ، ولا يَعِزُّ مَنْ عاديتَ، تباركتَ ربَّنا وتعاليتَ) رواه أحمدُ، ولفظُه له، وتكلَّمَ فيه أبو داودَ، ورواه الترمذيُّ (١) وحسَّنَه من حديثِ الحسنِ بنِ عليٍّ قال: علَّمني النبىُّ -صلى الله عليه وسلم- كلماتٍ أقولُهنَّ في قنوتِ الوترِ: "اللهمَّ اهْدِني". إلى: "تعالَيْتَ". وليس فيه: "ولا يعز مَنْ عادَيْتَ". ورواه البيهقيُّ (٢) وأثبتَها فيه، وجَمَعَ، والروايةُ بالإفرادِ؛ ليشاركَ الإمامُ والمأمومُ في الدُّعاءِ

(اللهمَّ إنا نعوذُ برضاك من سخطِكَ، وبعفوِك من عقوبتِك، وبكَ منكَ) قالَ الخطابي: في هذا معنًى لطيفٌ؛ وذلك أنَّه سألَ اللهَ سبحانه وتعالى أنْ يجيرَه برضاه من سخطِه، وهما ضدَّانِ ومتقابلانِ، وكذلك المعافاةُ والمؤاخذةُ بالعقوبةِ، لجأَ إلى ما لا ضدَّ له، وهو اللهُ سبحانَه وتعالى، أظهرَ العجزَ والانقطاعَ، وفزعَ منه إليه،


(١) أخرجه أحمد (٣/ ٢٤٥) (١٧١٨)، وأبو داود (١٤٢٧)، والترمذي (٤٦٤). وصححه الألباني في "الإرواء" (٤٢٦).
(٢) أخرجه البيهقي (٢/ ٢٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>