للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمَّ الأتقَى والأورعُ، ثم يُقرَعُ.

وصاحبُ البيتِ، وإمامُ المسجدِ، ولو عبدًا، أحقُّ

(ثم) مع الاستواء فيما تقدَّمَ، الأَوْلى بالإمامةِ: (الأتقى والأورعُ) لقولِهِ سبحانه وتعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحُجرَات: ١٣] ولأنَّ مقصودَ الصَّلاةِ: الخضوعُ، ورجاءُ إجابةِ الدعاءِ. والأتقى والأورَعُ أقربُ إلى ذلك، لا سيَّمَا والدُّعاءُ للمأمومينَ من بابِ الشفاعةِ المستدعيَةِ كرامةَ الشافعِ عند المشفوعِ عنده. قال القشيريُّ في "رسالته": الورعُ: اجتنابُ الشبهاتِ. زادَ القاضي عياضٌ في "المشارق": خوفًا من اللهِ تعالى.

(ثمَّ) إن استووْا في كلِّ ما تقدَّمَ وتشاحُّوا (يُقرعُ) فمَنْ خرجتْ له القُرْعةُ كان هو أحقَّ بالإمامةِ؛ لأنَّ سعدًا أقرعَ بين النَّاسِ في الأذانِ يومَ القادسيةِ (١). فالإمامةُ أَوْلى، ولأنَّهم تساووا في الاستحقاقِ وتعذَّرَ الجمعُ، فأُقرِعَ بينهم، كسائرِ الحقوقِ

(وصاحبُ البيتِ) الصَّالحُ للإمامةِ، ولو عبدًا، أحقُّ بالإمامةِ ممَّنْ حضرَه في بيتِه؛ لقولِه عليه السَّلام: "لا يُؤَمَّنَّ الرجلُ في بيته" (٢). ولأبي داودَ (٣) عن مالكِ بنِ الحُويرثِ مرفوعًا: "مَنْ زارَ قومًا فلا يؤمَّهمْ وليؤمَّهمْ رجلٌ منهم".

(وإمامُ المسجدِ) الراتبُ، الصالحُ للإمامةِ (ولو) كان (عبدًا، أحقُّ) بالإمامةِ فيه، ولو حضرَ أفقَهُ، أو أقرأُ، كصاحِبِ البيتِ. ولأنَّ ابنَ عمرَ أتى أرضًا له، وعندَها


= في "الإرواء" (٥١٩).
(١) ذكره البخاري تعليقًا قبل (٦١٥).
(٢) أخرجه مسلم (٦٧٣) من حديث أبي مسعود الأنصاري.
(٣) أخرجه أبو داود (٥٩٦)، وصححه الألباني.

<<  <  ج: ص:  >  >>