للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويُختَصُّ بجَوازِ جَمعِ العِشاءَينِ -ولو صلَّى ببيتِه- ثَلجٌ، وجَليدٌ، ووَحَلٌ، ورِيحٌ شَديدَةٌ بارِدةٌ، ومَطَرٌ يَبُلُّ الثيابَ، وتوجَدُ معه مشقَّةٌ.

(ويختصُّ بجوازِ جَمعِ العِشَاءَينِ، ولو صلَّى ببيتِه) خلافًا لمالكٍ، أو بمسجدٍ طريقُه تحتَ ساباطٍ، ونحوِه، كمُجاورٍ بالمسجدِ. فالمعتبرُ: وجودُ المشقَّةِ في الجملةِ، لا لكلِّ فردٍ من المصلِّين؛ لأنَّ الرُّخصةَ العامَّةَ يستوي فيها حالُ وجودِ المشقَّةِ وعدمِها، كالسفرِ:

(ثلجٌ، وجليدٌ) وهو ما سقط على الأرض من النَّدا، فيجمُدُ

(ووحَلٌ، وريحٌ شديدةٌ باردةٌ) ظاهرُه: وإنْ لمْ تكنِ الليلةُ مُظلمةً. ويُعلمُ ممَّا تقدمَ، كذلك لو كانتْ شديدةً بليلةٍ مظلمةٍ، وإنْ لمْ تكنْ باردةً

(ومطرٌ يَبُلُّ الثيابَ، وتُوجدُ معه مشقَّةٌ) لأنَّ السنَّةَ لم تردْ بالجمعِ لذلك إلَّا في المغربِ والعشاءِ. رواه الأثرمُ. وروى النجَّادُ (١) بإسنادِه: أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- جمعَ بين المغربِ والعشاءِ في ليلةٍ مطيرةٍ (٢). وفعلَها أبو بكرٍ وعمرُ وعثمانُ. وأمرَ ابنُ عمرَ مناديَه في ليلةٍ باردةٍ، فنادَى: الصَّلاةُ في الرِّحالِ (٣). والوَحَلُ أعظمُ مشقَّةً من البَرْدِ، فيكونُ أوْلى. ويدلُّ عليه حديثُ ابنِ عباسٍ: جمعَ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- بالمدينةِ من غيرِ خوفٍ ولا مطرٍ (٤). ولا وجهَ يُحملُ عليه، مع عدمِ المرضِ إلَّا الوَحَلُ.

والمرادُ: وجودُ المشقَّةِ في الجملةِ، لا لكلِّ فردٍ من المصلِّين.


(١) في الأصل: "البخاري". وهو خطأ، والمثبت من "دقائق أولي النهى" ١/ ٦١٣.
(٢) قال الألباني في "الإرواء" (٥٨١): ضعيف جدًا. وقد وقفتُ على إسناده، رواه الضياء المقدسي في "المنتقى من مسموعاته بمرو" (ق ٣٧/ ٢).
(٣) أخرجه مسلم (٦٩٧).
(٤) تقدم تخريجه قريبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>